للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السَّابِعُ - قَوْلُ بَعْضِهِمْ: الدَّلِيلُ عَلَى عِلِّيَّةِ الْجَامِعِ اطِّرَادُهَا وَسَلَامَتُهَا عَنْ النَّقْضِ. قُلْنَا: لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الطَّرْدَ حُجَّةٌ (انْتَهَى) . وَإِنَّمَا الطَّرِيقُ فِي جَوَابِهِ الِاسْتِدْلَال عَلَى تَصْحِيحِ الْعِلَّةِ بِطَرِيقٍ مِنْ طُرُقِهَا. الثَّالِثُ - مَنْعُ الْحُكْمِ فِي الْأَصْلِ: كَقَوْلِنَا فِي إزَالَةِ النَّجَاسَةِ: مَائِعٌ لَا يَرْفَعُ الْحَدَثَ فَلَا يُزِيلُ حُكْمَ النَّجَاسَةِ، كَالدُّهْنِ. فَيَقُولُ: لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الدُّهْنَ لَا يُزِيلُ النَّجَاسَةَ بَلْ يُزِيلُهَا عِنْدِي. وَاخْتُلِفَ فِي أَنَّهُ انْقِطَاعٌ لِلْمُسْتَدِلِّ عَلَى مَذَاهِبَ:

أَحَدُهَا - أَنَّهُ انْقِطَاعٌ: لِأَنَّهُ إنْ شُرِعَ فِي الدَّلَالَةِ عَلَى حُكْمِ الْأَصْلِ كَانَ انْتِقَالًا لِمَسْأَلَةٍ أُخْرَى، وَإِنْ لَمْ يُشْرَعْ لَمْ يَتِمَّ دَلِيلُهُ.

وَالثَّانِي - أَنَّهُ لَا يَنْقَطِعُ إذَا دَلَّ عَلَى مَحَلِّ الْمَنْعِ: جَزَمَ بِهِ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ إلْكِيَا الطَّبَرِيُّ وَالْبَرَوِيُّ. وَقَالَ ابْنُ بَرْهَانٍ: إنَّهُ الْمَذْهَبُ الصَّحِيحُ الْمَشْهُورُ بَيْنَ النُّظَّارِ. وَاخْتَارَهُ الْآمِدِيُّ وَابْنُ الْحَاجِبِ، لِأَنَّ دَلَالَتَهُ تَتْمِيمٌ لِمَقْصُودِهِ لَا رُجُوعَ عَنْهُ، بَلْ هُوَ تَثْبِيتُ رُكْنِ قِيَاسِهِ، فَهُوَ حُكْمُ الْأَصْلِ، كَمَا يَبْحَثُ فِي تَحْقِيقِ عِلَّةِ الْأَصْلِ، وَبِالْقِيَاسِ عَلَى مَنْعِ سَائِرِ أَرْكَانِ الْقِيَاسِ.

وَالثَّالِثُ - إنْ كَانَ الْمَنْعُ جَلِيًّا فَهُوَ انْقِطَاعٌ، أَوْ خَفِيًّا، أَيْ يَخْفَى عَلَى أَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ فَلَا، لِأَنَّهُ مَعْذُورٌ. وَهُوَ اخْتِيَارُ الْأُسْتَاذِ أَبِي إِسْحَاقَ، وَنَقَلَ ابْنُ بَرْهَانٍ عَنْهُ فِي الْمَنْعِ: الظَّاهِرُ أَنْ يَتَقَدَّمَ مِنْهُ فِي صَدْرِ الِاسْتِدْلَالِ هَذِهِ الشَّرِيطَةُ بِأَنْ يَقُولَ: إنْ سَلَّمْت وَإِلَّا نَقَلْت الْكَلَامَ إلَيْهِ فَلَا يَنْقَطِعُ.

وَالرَّابِعُ - يَتَّبِعُ عُرْفَ ذَلِكَ الْبَلَدِ الَّذِي فِيهِ الْمُنَاظَرَةُ: فَإِنَّ الْجَدَلَ مَرَاسِيمُ، فَيَجِبُ اتِّبَاعُ الْعُرْفِ، وَهُوَ اخْتِيَارُ الْغَزَالِيِّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>