للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْكَلَامِ عَلَيْهِ، فَإِنْ عَجَزَ فَعِنْدَ ذَلِكَ يَنْقَطِعُ (قَالَ) : فَأَمَّا إذَا أَقَامَ الْمُسْتَدِلُّ الدَّلِيلَ عَلَى إثْبَاتِ الْحُكْمِ الْمَمْنُوعِ فِي الْأَصْلِ فَعَدَلَ الْمُعْتَرِضُ عَنْهُ وَأَخَذَ يَعْتَرِضُ ثَانِيًا عَلَى الدَّلِيلِ الْمَنْصُوبِ عَلَى الْحُكْمِ فِي الْفَرْعِ، فَهَاهُنَا أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ يُعَدُّ مُنْقَطِعًا.

تَنْبِيهَانِ

الْأَوَّلُ: هَذَا الْمَنْعُ إنَّمَا يَكُونُ فِيمَا إذَا قَاسَ الْمُسْتَدِلُّ عَلَى مَسْأَلَةٍ خِلَافِيَّةٍ فَإِنَّهُ لَوْ قَاسَ عَلَى مَسْأَلَةٍ إجْمَاعِيَّةٍ لَمْ يُمْكِنْ الْمُعْتَرِضَ مَنْعُ حُكْمِ الْأَصْلِ، لِكَوْنِهِ عَلَى خِلَافِ الْإِجْمَاعِ ثُمَّ لَيْسَ كُلُّ خِلَافِيَّةٍ يَتَوَجَّهُ عَلَيْهَا هَذَا السُّؤَالُ، بَلْ يَخْتَصُّ بِكُلِّ مَوْضِعٍ لَا يَخْرُجُ الْمُعْتَرِضُ بِالْمَنْعِ فِيهِ عَنْ مَذْهَبِ إمَامِهِ، لِأَنَّ طَرِيقَةَ الْجَدَلِيِّينَ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُتَنَاظِرِينَ لَا بُدَّ أَنْ يَنْتَمِيَ إلَى مَذْهَبٍ مُعَيَّنٍ حَذَرًا مِنْ الِانْتِشَارِ. وَفِي " الْمَحْصُولِ ": إنْ كَانَ انْتِفَاؤُهُ مَذْهَبًا لِلْمُعَلِّلِ وَالْمُعْتَرِضِ كَانَ مُتَوَجِّهًا، وَكَذَا إنْ كَانَ مَذْهَبَ الْمُعَلِّلِ وَحْدَهُ. وَإِنْ كَانَ مَذْهَبًا لِلْمُعْتَرِضِ وَحْدَهُ لَمْ يُقْبَلْ. وَقَسَّمَ ابْنُ بَرْهَانٍ الْمَنْعَ الصَّحِيحَ إلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ:

الْقِسْمُ الْأَوَّلُ - يُعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَخْتَلِفُ مَذْهَبُ صَاحِبِ تِلْكَ الْمَقَالَةِ فِي تِلْكَ الْمَسْأَلَةِ. وَلَهُ فِي الْجَوَابِ طُرُقٌ:

أَحَدُهَا - أَنْ يُفَسِّرَ كَلَامَهُ بِمَا يَكُونُ مُسَلَّمًا عِنْدَ الْخَصْمِ، كَاسْتِدْلَالِ الْحَنَفِيِّ فِي الْإِجَارَةِ تَنْفَسِخُ بِالْمَوْتِ، لِأَنَّهُ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ، فَوَجَبَ أَنْ يَبْطُلَ: وَأَصْلُهُ عَقْدُ النِّكَاحِ - فَيَقُولُ الشَّافِعِيُّ: الْحُكْمُ فِي الْأَصْلِ مَمْنُوعٌ، فَإِنَّ عِنْدِي النِّكَاحَ لَا يَبْطُلُ بِالْمَوْتِ بَلْ يَنْتَهِي. وَلَيْسَ كُلُّ مَا يَنْتَهِي يَبْطُلُ، بِدَلِيلِ عَقْدِ الْإِجَارَةِ إذَا انْقَضَتْ مُدَّتُهُ يَنْتَهِي وَلَا يَبْطُلُ، فَإِنْ قَالَ الْمُسْتَدِلُّ: عَنَيْتُ بِقَوْلِي: فَوَجَبَ أَنْ يَبْطُلَ، أَيْ يَرْتَفِعَ وَلَا يَبْقَى قَبْلُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>