الثَّانِي - أَنْ يُبَيِّنَ مَوْضِعًا مُتَّفَقًا عَلَيْهِ، كَاسْتِدْلَالِنَا فِي فَرْضِيَّةِ التَّرْتِيبِ فِي الْوُضُوءِ: عِبَادَةٌ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى أَفْعَالٍ مُتَغَايِرَةٍ فَوَجَبَ أَنْ يَجِبَ فِيهَا التَّرْتِيبُ، كَالصَّلَاةِ. فَيَقُولُ الْحَنَفِيُّ: الْحُكْمُ فِي الْأَصْلِ مَمْنُوعٌ، فَإِنَّ التَّرْتِيبَ عِنْدِي فِي الصَّلَاةِ لَا يَجِبُ، بِدَلِيلِ أَنَّهُ إذَا تَرَكَ أَرْبَعَ سَجَدَاتٍ فِي أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ يَأْتِي بِهَا دَفْعَةً وَاحِدَةً بِلَا تَرْتِيبٍ. فَطَرِيقُهُ أَنْ يَقُولَ: أُبَيِّنُ مَوْضِعًا مُتَّفَقًا عَلَيْهِ مِنْ الصَّلَاةِ يَجِبُ فِيهِ التَّرْتِيبُ فَأَقِيسُ عَلَيْهِ فَأَقُولُ: أَجْمَعْنَا أَنَّهُ لَوْ قَدَّمَ السُّجُودَ عَلَى الرُّكُوعِ لَمْ يَجُزْ فَأَقِيسُ عَلَيْهِ.
الثَّالِثُ - أَنْ يَنْقُلَ الْكَلَامَ إلَيْهِ، كَاسْتِدْلَالِنَا فِي التَّعْفِيرِ مِنْ وُلُوغِ الْخِنْزِيرِ بِأَنَّ هَذَا حَيَوَانٌ نَجِسُ الْعَيْنِ، فَيَجِبُ غَسْلُ الْإِنَاءِ مِنْ وُلُوغِهِ، قِيَاسًا عَلَى الْكَلْبِ. فَيَقُولُ الْحَنَفِيُّ: الْحُكْمُ فِي الْأَصْلِ مَمْنُوعٌ، فَإِنَّ عِنْدِي لَا يَجِبُ التَّسْبِيعُ فِي غُسْلِ الْكَلْبِ وَجَوَابُهُ أَنْ يَنْتَقِلَ الْكَلَامُ إلَيْهِ وَيُبَيِّنَ أَنَّ هَذَا الْحُكْمَ فِي الْأَصْلِ مَنْصُوصٌ عَلَيْهِ.
الْقِسْمُ الثَّانِي - أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ مَذْهَبَهُ مُخَالِفٌ: كَاسْتِدْلَالِنَا فِي الصَّرُورَةِ إذَا حَجَّ عَنْ غَيْرِهِ، كَمَا إذَا أَطْلَقَ الْإِحْرَامَ. فَيَقُولُ الْحَنَفِيُّ: الْحُكْمُ فِي الْأَصْلِ مَمْنُوعٌ، فَإِنَّ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رِوَايَةً أَنَّهُ إذَا أَطْلَقَ لَا يَنْصَرِفُ إلَيْهِ.
الْقِسْمُ الثَّالِثُ - أَنْ لَا يَعْرِفَ الْمُعْتَرِضُ مَذْهَبَ صَاحِبِ الْمَقَالَةِ فِي تِلْكَ الْمَسْأَلَةِ: كَاسْتِدْلَالِ الْحَنَفِيَّةِ فِي الْمُشْرِكِ يُسْلِمُ عَلَى خَمْسٍ: أَنَّ هَذَا جَمْعٌ مُحَرَّمٌ فَوَجَبَ أَنْ لَا يَتَخَيَّرَ، قِيَاسًا عَلَى مَا إذَا أَسْلَمَتْ الْمَرْأَةُ تَحْتَ رَجُلَيْنِ. فَيَقُولُ الشَّافِعِيُّ: أَمْنَعُ الْحُكْمَ فِي الْأَصْلِ، فَإِنَّهُ لَا نَصَّ لِلشَّافِعِيِّ فِي إسْلَامِهَا عَنْ زَوْجَيْنِ (قَالَ) وَمِنْ الْمَنْعِ الْفَاسِدِ أَنْ يَمْنَعَ الْمُعْتَرِضُ الْحُكْمَ عَلَى وَجْهٍ بَعِيدٍ لِلْأَصْحَابِ كَاسْتِدْلَالِنَا فِي جِلْدِ الْكَلْبِ لَا يُدْبَغُ، لِأَنَّهُ نَجِسُ الْعَيْنِ فَلَا يَطْهُرُ بِالدِّبَاغِ عَلَى مَذْهَبِ أَبِي يُوسُفَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute