للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُتَسَاوِيَةٌ، وَالْمُسْتَدِلُّ فِي تَعْيِينِ مَقْصُودِهِ بِالدَّعْوَى مُتَحَكِّمٌ. وَلِهَذَا لَوْ لَمْ نَعْتَبِرْ شَهَادَةَ الْأُصُولِ وَأَجَزْنَا الْمُرْسَلَاتِ لَمْ يَرِدْ هَذَا السُّؤَالُ. وَهَلْ يَجِبُ عَلَى الْمُعْتَرِضِ بَيَانُ انْتِفَاءِ الْوَصْفِ الَّذِي عَارَضَ بِهِ الْأَصْلَ عَنْ الْفَرْعِ؟ فِيهِ مَذَاهِبُ:

(أَحَدُهَا) وَهُوَ الْمُخْتَارُ، أَنَّهُ لَا يَجِبُ، لِأَنَّهُ إنْ كَانَ فِي الْفَرْعِ افْتَقَرَ الْمُسْتَدِلُّ إلَى بَيَانِهِ فِيهِ لِيَصِحَّ الْإِلْحَاقُ، وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ ذَلِكَ بَطَلَ الْجَمْعُ.

وَ (الثَّانِي) يَجِبُ نَفْيُهُ، لِأَنَّ الْفَرْقَ لَا يَتِمُّ إلَّا بِذَلِكَ.

وَ (الثَّالِثُ) وَبِهِ أَجَابَ الْآمِدِيُّ وَابْنُ الْحَاجِبِ، إنْ قَصَدَ الْفَرْقَ فَلَا بُدَّ مِنْ نَفْيِهِ، وَإِلَّا فَلَا، لِأَنَّهُ يَقُولُ: إنْ لَمْ يَكُنْ مَوْجُودًا فِيهِ فَهُوَ فَرْقٌ، وَإِلَّا فَالْمُسْتَدِلُّ لَمْ يَذْكُرْ إلَّا بَعْضَ الْعِلَّةِ. وَعَلَى التَّقْدِيرَيْنِ فَلَا بُدَّ مِنْ إشْكَالٍ. هَذَا إذَا كَانَ الْمَقِيسُ عَلَيْهِ أَصْلًا وَاحِدًا، فَإِنْ كَانَ أُصُولًا فَقِيلَ: لَا يَرِدُ، لِأَنَّ الِاكْتِفَاءَ بِأَصْلٍ آخَرَ عَنْ هَذَا حَاصِلٌ. وَقِيلَ: يَرِدُ، لِأَنَّهُ أَقْوَى فِي إفَادَةِ الظَّنِّ. وَالْقَائِلُونَ بِالرَّدِّ اخْتَلَفُوا فِي الِاقْتِصَارِ فِي الْمُعَارَضَةِ عَلَى أَصْلٍ وَاحِدٍ، فَقِيلَ: يَكْفِي لِأَنَّ الْمُسْتَدِلَّ قَصَدَ جَمْعَ الْأُصُولِ، فَإِذَا ذَهَبَ وَاحِدٌ ذَهَبَ غَرَضُهُ وَقِيلَ: لَا بُدَّ مِنْ الْجَمْعِ لِأَنَّ الْمُسْتَقِلَّ يَكْتَفِي بِأَصْلٍ وَاحِدٍ. وَالْقَائِلُونَ بِالتَّعْمِيمِ اخْتَلَفُوا، فَمِنْهُمْ مَنْ شَرَطَ اتِّحَادَ الْمُعَارِضِ فِي الْكُلِّ، دَفْعًا لِانْتِشَارِ الْكَلَامِ، وَقِيلَ: لَا يَلْزَمُ، لِجَوَازِ أَنْ لَا يُسَاعِدَهُ فِي الْكُلِّ عِلَّةٌ وَاحِدَةٌ. ثُمَّ اخْتَلَفَ هَؤُلَاءِ، فَقِيلَ: يَقْتَصِرُ الْمُسْتَدِلُّ فِي الْجَوَابِ عَلَى أَصْلٍ وَاحِدٍ، لِأَنَّهُ بِهِ يَتِمُّ مَقْصُودُهُ. وَقِيلَ: لَا بُدَّ مِنْ الْجَوَابِ عَنْ الْكُلِّ، لِأَنَّهُ الْتَزَمَ الْقِيَاسَ عَلَى الْكُلِّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>