وَجَوَابُ الْمُعَارَضَةِ مِنْ وُجُوهٍ:
أَحَدُهُمَا - مَنْعُ وُجُودِ الْوَصْفِ الْمُعَارَضِ بِهِ، بِأَنْ يَقُولَ: لَا أُسَلِّمُ وُجُودَ الْوَصْفِ فِي الْأَصْلِ.
(الثَّانِي) - مَنْعُ الْمُنَاسَبَةِ، أَوْ مَنْعُ الشَّبَهِ إنْ أَثْبَتَهُ بِهِمَا لِأَنَّ مِنْ شَرْطِ الْمُعَارِضِ أَنْ يَكُونَ صَالِحًا لِلتَّعْلِيلِ، وَلَا يَصْلُحُ إلَّا إذَا كَانَ مُنَاسِبًا أَوْ شِبْهًا، إذْ لَوْ كَانَ طَرْدًا لَمْ يَكُنْ صَالِحًا. وَإِنَّمَا لَمْ يُكْتَفَ مِنْ الْمُعْتَرِضِ بِالْوَصْفِ الشَّبَهِيِّ فِي قِيَاسِ الْإِخَالَةِ، لِأَنَّ الْوَصْفَ الشَّبَهِيَّ أَدْنَى مِنْ الْمُنَاسِبِ، فَلَا يُعَارِضُهُ. فَإِنْ كَانَ أَثْبَتَهُ بِطَرِيقِ السَّبْرِ وَالتَّقْسِيمِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُطَالِبَ الْمُعْتَرِضَ بِالتَّأْثِيرِ، فَإِنَّ مُجَرَّدَ الِاحْتِمَالَاتِ كَافٍ، فَمَنْ دَفَعَ السَّبْرَ فَعَلَيْهِ دَفْعُهُ لِيَتِمَّ لَهُ طَرِيقُ السَّبْرِ.
الثَّالِثُ، وَالرَّابِعُ - أَنْ يَقُولَ: مَا ذَكَرُوهُ مِنْ الْوَصْفِ خَفِيٌّ فَلَا يُعَلَّلُ بِهِ أَمْرٌ غَيْرُ مُنْضَبِطٍ أَوْ غَيْرُ ظَاهِرٍ أَوْ غَيْرُ وُجُودِيٍّ وَنَحْوُهُ مِنْ قَوَادِحِ الْعِلَّةِ. كَذَا ذَكَرَهُ الْجَدَلِيُّونَ. قَالَ ابْنُ رَحَّالٍ: وَهُوَ ضَعِيفٌ، لِأَنَّ الظُّهُورَ وَالِانْضِبَاطَ إنَّمَا يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ نَصْبِهِ أَمَارَةً، أَمَّا فِي ثُبُوتِ الْحُكْمِ لِأَجْلِهِ فَلَا، لِأَنَّ الْحُكْمَ يَصِحُّ ثُبُوتُهُ لِلْخَفِيِّ وَالْمُضْطَرِبِ، وَلَكِنْ إذَا أُرِيدَ نَصْبُهُ أَمَارَةً تَعَيَّنَ النَّظَرُ إلَى مَظِنَّتِهِ. وَالْمُعَارِضُ هَاهُنَا لَيْسَ مَقْصُودُهُ نَصْبَ الْأَمَارَةِ، وَإِنَّمَا مَقْصُودُهُ مَا ثَبَتَ الْحُكْمُ لِأَجْلِهِ، فَلَا مَعْنَى لِتَكْلِيفِهِ إثْبَاتَ الظُّهُورِ وَالِانْضِبَاطِ. فَإِنْ قِيلَ: فَقَدْ جَعَلْتُمْ مِنْ الْأَسْئِلَةِ النِّزَاعَ فِي ظُهُورِ الْوَصْفِ وَانْضِبَاطِهِ، وَإِذَا صَحَّتْ مُطَالَبَةُ الْمُسْتَدِلِّ بِذَلِكَ لِكَوْنِهِ شَرْطًا فِي صِحَّةِ التَّعْلِيلِ صَحَّتْ مُطَالَبَةُ الْمُعْتَرِضِ بِهِ، قُلْنَا: الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْمُسْتَدِلَّ جَمَعَ بَيْنَ الْأَصْلِ وَالْفَرْعِ بِوَصْفٍ ادَّعَى أَنَّهُ مَنْصُوبٌ أَمَارَةً، فَظُهُورُهُ وَانْضِبَاطُهُ شَرْطٌ فِي صِحَّةِ نَصْبِهِ أَمَارَةً، وَلَيْسَ كَذَلِكَ الْمُعْتَرِضُ، فَإِنَّهُ لَمْ يَدَّعِ الْأَمَارَةَ وَإِنَّمَا مَقْصُودُهُ طَرِيقُ الْإِجْمَالِ لِشَهَادَةِ الْأَصْلِ مِمَّا ثَبَتَ الْحُكْمُ لِأَجْلِهِ، وَالظُّهُورُ وَالِانْضِبَاطُ لَيْسَ شَرْطًا فِي ذَلِكَ، فَافْتَرَقَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute