للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْخَامِسُ - بَيَانُ أَنَّهُ رَاجِعٌ إلَى عَدَمِ وَصْفٍ مَوْجُودٍ فِي الْفَرْعِ، لَا إلَى ثُبُوتِ مُعَارِضٍ فِي الْأَصْلِ الْمُتَقَدِّمِ، وَهَذَا إنَّمَا يَكْفِي إذَا قُلْنَا: لَا يَصِحُّ التَّعْلِيلُ بِالْعَدَمِ، فَإِنْ جَوَّزْنَاهُ لَمْ يَكْفِ هَذَا فِي الْجَوَابِ، بَلْ لَا بُدَّ أَنْ يَقْدَحَ فِيهِ لِوَجْهٍ آخَرَ غَيْرِ كَوْنِهِ عَدَمًا. هَذَا كُلُّهُ إذَا تَحَقَّقَ أَنَّ الْوَصْفَ عَدَمٌ فِي الْأَصْلِ ثُبُوتٌ فِي الْفَرْعِ.

السَّادِسُ - إلْغَاءُ الْوَصْفِ الَّذِي وَقَعَتْ بِهِ الْمُعَارَضَةُ وَقَدْ اسْتَشْكَلَ هَذَا بِأَنَّ الْإِلْغَاءَ ضَرْبَانِ: (أَحَدُهُمَا) إلْغَاءٌ بِإِيمَاءِ النَّصِّ. وَ (الثَّانِي) إلْغَاءٌ بِتَبْدِيلِ الْأَصْلِ.

فَالْأَوَّلُ فِيهِ انْتِقَالٌ مِنْ مَسْلَكٍ اجْتِهَادِيٍّ إلَى مَسْلَكٍ نَقْلِيٍّ، وَالِانْتِقَالُ مِنْ أَقْبَحِ الِانْقِطَاعِ، وَلِأَنَّهُ لَوْ اسْتَدَلَّ بِإِيمَاءِ النَّصِّ أَوَّلًا لَأَغْنَاهُ ذَلِكَ عَنْ الْمَسَالِكِ الِاجْتِهَادِيَّةِ، فَأَيُّ فَائِدَةٍ فِي هَذَا التَّطْوِيلِ؟ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُقْبَلَ اسْتِدْلَالُهُ أَوَّلًا. كَمَا قَالُوا فِيمَا إذَا اسْتَدَلَّ بِقِيَاسٍ عَلَى وَجْهٍ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ التَّرْجِيحِ بِالنَّصِّ.

وَأَمَّا الثَّانِي فَفِيهِ انْتِقَالٌ مِنْ مَحَلٍّ إلَى مَحَلٍّ، مَعَ بَقَاءِ مَسْلَكِ الْمُنَاسَبَةِ وَالِاقْتِرَانِ، مَعَ أَنَّ فِي [ذَلِكَ] تَطْوِيلَ الطَّرِيقِ بِلَا فَائِدَةٍ. إذَا عَلِمْتَ ذَلِكَ فَالْإِلْغَاءُ ضَرْبَانِ:

أَحَدُهُمَا: بِإِيمَاءِ النَّصِّ، وَهُوَ قِسْمَانِ:

أَحَدُهُمَا: مَا لَا يُتَصَوَّرُ الْجَمْعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ وَصْفِ الْمُسْتَدِلِّ، لِقِيَامِ الْإِجْمَاعِ عَلَى أَنَّ الْعِلَّةَ فِي الْأَصْلِ غَيْرُ مُرَكَّبَةٍ، بَلْ لَا يَكُونُ إلَّا وَصْفًا وَاحِدًا، كَقَوْلِ الشَّافِعِيِّ فِيمَا لَا يُكَالُ وَلَا يُوزَنُ مِنْ الْقِثَّاءِ وَالْبِطِّيخِ إنَّهُ يَجْرِي فِيهِ الرِّبَا، لِأَنَّهُ مَطْعُومٌ، فَالْتَحَقَ بِالْأَشْيَاءِ الْأَرْبَعَةِ. فَعَارَضَ الْحَنَفِيُّ فِي الْأَصْلِ بِالْكَيْلِ. فَيَقُولُ الشَّافِعِيُّ: وَصْفُ الْكَيْلِ مُلْغًى بِإِيمَاءِ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا تَبِيعُوا الطَّعَامَ

<<  <  ج: ص:  >  >>