للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدَّلِيلُ عَلَى ارْتِفَاعِهِ. وَحُكِيَ الْأَوَّلُ عَنْ الْحَنَفِيَّةِ وَالظَّاهِرِيَّةِ وَمُتَكَلِّمِي الْأَشْعَرِيَّةِ. وَالْمَعْرُوفُ عَنْ الظَّاهِرِيَّةِ إنَّمَا هُوَ الثَّانِي. قَالَ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ، كَانَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ يَقُولُ: دَاوُد لَا يَقُولُ بِالْقِيَاسِ الصَّحِيحِ، وَهُنَا يَقُولُ بِقِيَاسٍ فَاسِدٍ، لِأَنَّهُ حَمَلَ حَالَةَ الْخِلَافِ عَلَى حَالَةِ الْإِجْمَاعِ مِنْ غَيْرِ عِلَّةٍ جَامِعَةٍ.

وَالْمُخْتَارُ هُوَ الْأَوَّلُ، لِأَنَّ مَحَلَّ الْوِفَاقِ غَيْرُ مَحَلِّ الْخِلَافِ، فَلَا يَتَنَاوَلُهُ بِوَجْهٍ، وَإِنَّمَا يُوجَبُ اسْتِصْحَابُ الْإِجْمَاعِ حَيْثُ لَا يُوجَدُ صِفَةُ تَغَيُّرِهِ، وَلِأَنَّ الدَّلِيلَ إنْ كَانَ هُوَ الْإِجْمَاعُ فَهُوَ مُحَالٌ فِي مَحَلِّ الْخِلَافِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَهُ فَلَا مُسْتَنَدَ إلَى الْإِجْمَاعِ الَّذِي يَزْعُمُ أَنَّهُ يُسْتَصْحَبُ. قَالَ أَصْحَابُنَا: وَالْقَوْلُ بِاسْتِصْحَابِ الْإِجْمَاعِ فِي مَحَلِّ الْخِلَافِ يُؤَدِّي إلَى التَّكَافُؤِ، لِأَنَّهُ مَا مِنْ أَحَدٍ يَسْتَصْحِبُ حَالَ الْإِجْمَاعِ فِي شَيْءٍ إلَّا وَلِخَصْمِهِ أَنْ يَسْتَصْحِبَهُ فِي مُقَابِلِهِ. وَبَيَانُهُ: أَنَّ فِي مَسْأَلَةِ التَّيَمُّمِ أَنَّ لِلْخَصْمِ أَنْ يَقُولَ: أَجْمَعْنَا عَلَى بُطْلَانِ التَّيَمُّمِ بِرُؤْيَةِ الْمَاءِ خَارِجَ الصَّلَاةِ فَنَسْتَصْحِبُهُ بِرُؤْيَتِهِ فِيهَا، وَتَغَيُّرُ الْأَحْوَالِ لَا عِبْرَةَ بِهِ. وَنَقَلَ إلْكِيَا عَنْ الْأُسْتَاذِ أَبِي إِسْحَاقَ أَنَّهُ اسْتَدَلَّ عَلَى النِّكَاحِ بِلَا وَلِيٍّ بِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْأَبْضَاعِ التَّحْرِيمُ، فَمَنْ ادَّعَى مَا يُبِيحُ فَعَلَيْهِ الدَّلِيلُ (قَالَ) : وَهَذَا لَيْسَ بِشَيْءٍ، فَإِنَّهُ يُقَالُ: الْأَصْلُ التَّحْرِيمُ قَبْلَ وُجُودِ أَصْلِ النِّكَاحِ أَوْ بَعْدَهُ؟ .

<<  <  ج: ص:  >  >>