للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَحَدُهُمَا صَحَّ الْآخَرُ. وَأَمَّا جَعْلُهُ الدِّيَةَ أَخْمَاسًا فَبِدَلِيلٍ، [لَا] لِأَنَّهُ أَقَلُّ مَا قِيلَ. وَأَمَّا مَسْأَلَةُ الشَّهَادَةِ فَإِنَّمَا حَكَمَ فِيهَا بِالْأَقَلِّ، لِأَنَّهُ ثَبَتَ ذَلِكَ بِشَاهِدَيْنِ، وَانْفِرَادُ الْآخَرِ لَيْسَ بِحُجَّةٍ، وَهَذَا لَا خِلَافَ فِيهِ.

(قَالَ) : وَقَدْ مَنَعَ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ النَّظَرِ وَقَالُوا: إنَّ أَصْلَكُمْ هَذَا يَنْتَقِضُ بِالْجُمُعَةِ، فَإِنَّ النَّاسَ اخْتَلَفُوا هَلْ تَنْعَقِدُ بِأَرْبَعِينَ أَوْ بِاثْنَيْنِ أَوْ بِثَلَاثَةٍ، فَوَجَبَ أَنْ يُؤْخَذَ بِأَقَلِّ مَا قِيلَ. فَإِنْ قُلْتُمْ: الْأَصْلُ هُوَ الظُّهْرُ وَلَا يَنْتَقِلُ عَنْهُ إلَّا بِدَلِيلٍ، قِيلَ لَكُمْ: وَكَذَلِكَ الْأَصْلُ شَغْلُ ذِمَّتِهِ بِالْجِنَايَةِ فَلَا تَبْرَأُ إلَّا بِدَلِيلٍ. قَالُوا: وَكَذَلِكَ الْغُسْلُ مِنْ وُلُوغِ الْكَلْبِ يَجِبُ أَنْ نَأْخُذَ بِأَقَلَّ مَا قِيلَ. ثُمَّ أَجَابَ ابْنُ الْقَطَّانِ: بِأَنَّ الْكَلَامَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لَيْسَ فِي الْحَادِثَةِ الَّتِي قَامَ الدَّلِيلُ فِيهَا، وَإِنَّمَا كَانَ هُنَا فِي الْحَادِثَةِ إذَا وَقَعَتْ بَيْنَ أُصُولِ مُجْتَهِدٍ فِيهَا بِحَادِثَةٍ، فَنَصِيرُ إلَى أَقَلِّ مَا قِيلَ، وَهَذَا هُوَ مَوْضِعُ الْخِلَافِ بَيْنَ أَصْحَابِنَا الْمَخْرَجُ عَلَى وَجْهَيْنِ. فَأَمَّا مَسْأَلَةُ الْجُمُعَةِ فَدَلِيلُنَا الْخَبَرُ. وَلَوْ صَحَّ السُّؤَالُ عَلَيْنَا لَانْقَلَبَ لِأَبِي ثَوْرٍ عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ، لِأَنَّهُ يُجِيزُهَا بِوَاحِدٍ.

وَأَمَّا وُلُوغُ الْكَلْبِ فَقَدْ صِرْنَا إلَى مَا نَصَّ عَلَيْهِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مَبْنِيَّةٌ عَلَى حَادِثَةٍ قَدْ تَقَدَّمَتْ قَبْلَنَا وَانْقَرَضَ الْعَصْرُ عَلَيْهَا وَاخْتَلَفُوا فِيهَا، وَأَمَّا الْيَوْمُ فَالْمَدَارُ عَلَى الدَّلِيلِ. انْتَهَى. وَأَجَابَ الْقَفَّالُ عَنْ مَسْأَلَةِ الْجُمُعَةِ بِأَنَّهَا أَقَلُّ مَا قِيلَ، لِأَنَّهُ أَقَلُّ مَا رُوِيَ عَنْهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَنَّهُ جَمَعَ فِيهِمْ فِي زَمَنِهِ ذَلِكَ. وَقَسَّمَ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ الْمَسْأَلَةَ إلَى قِسْمَيْنِ يَخْرُجُ مِنْهُمَا الْجَوَابُ: أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِيمَا أَصْلُهُ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ، فَإِنْ كَانَ الِاخْتِلَافُ فِي وُجُوبِ الْحَقِّ وَسُقُوطِهِ كَانَ سُقُوطُهُ أَوْلَى، لِمُوَافَقَةِ بَرَاءَةِ الذِّمَّةِ، مَا لَمْ يَقُمْ دَلِيلُ الْوُجُوبِ، وَإِنْ [كَانَ] الِاخْتِلَافُ فِي قَدْرِهِ بَعْدَ الِاتِّفَاقِ عَلَى وُجُوبِهِ، كَدِيَةِ الذِّمَّةِ إذَا وَجَبَتْ عَلَى قَاتِلِهِ، فَهَلْ يَكُونُ الْأَخْذُ بِأَقَلِّهِ دَلِيلًا؟ اخْتَلَفَ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ فِيهِ عَلَى وَجْهَيْنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>