للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَوْلَيْ الشَّيْخِ أَبِي إِسْحَاقَ، كَمَا قَالَهُ فِي اللُّمَعِ " وَاخْتَارَهُ الْغَزَالِيُّ فِي آخَرِ عُمْرِهِ، وَقَالَ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ: إنَّهُ الْمَذْهَبُ الصَّحِيحُ، وَكَذَا قَالَ الْخُوَارِزْمِيُّ فِي الْكَافِي " لِأَنَّهُ لَمَّا بَعَثَ مُعَاذًا إلَى الْيَمَنِ لَمْ يُرْشِدْهُ، بَلْ ذَكَرَ لَهُ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ وَالِاجْتِهَادَ. وَنَصَرَهُ الصَّيْرَفِيُّ فِي الدَّلَائِلِ " قَالَ: وَأَمَّا حَدِيثُ: كَانَ يُحِبُّ مُوَافَقَةَ أَهْلِ الْكِتَابِ فِيمَا لَمْ يَنْزِلْ عَلَيْهِ، فَإِنْ صَحَّ فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى الِاخْتِيَارِ لَا الْوُجُوبِ. انْتَهَى. وَالْحَدِيثُ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

قَالَ بَعْضُهُمْ: وَإِنَّمَا ذَلِكَ لِأَنَّهُمْ كَانُوا عَلَى بَقِيَّةٍ مِنْ دِينِ الرُّسُلِ، فَمَا تَبَيَّنَ أَنَّهُمْ لَمْ يُحَرِّفُوهُ وَلَا بَدَّلُوهُ فَأَحَبَّ مُوَافَقَتَهُمْ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ} [الأنعام: ٩٠] ثُمَّ قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ غَيْرُ مُتَعَبِّدٍ بِهَا وَلَا مَنْهِيٍّ عَنْهَا. وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي زَوَائِدِهِ ": الْأَصَحُّ أَنَّهُ لَيْسَ بِشَرْعٍ لَنَا، لَكِنْ نَقَلَ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْ النَّصِّ خِلَافَهُ، وَقَالَ ابْنُ حَزْمٍ: إنَّهُ الصَّحِيحُ قَالَ وَلَقَدْ قَبَّحَ إسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ الْقَاضِي مِنْ الْمَالِكِيَّةِ فِي قَوْلِهِ: إنَّ رَجْمَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْيَهُودِيَّيْنِ الزَّانِيَيْنِ تَعَبُّدٌ بِمَا فِي التَّوْرَاةِ قَالَ: وَهَذَا قَرِيبٌ مِنْ الْكُفْرِ. وَقَالَ فِي كِتَابِهِ الْإِعْرَابِ ": لَا يَجُوزُ الْعَمَلُ بِشَيْءٍ مِنْ شَرَائِعِهِمْ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا} [المائدة: ٤٨] وَاخْتَارَهُ الْإِمَامُ الرَّازِيَّ وَالْآمِدِيَّ. الْمَذْهَبُ الثَّانِي: أَنَّهُ كَانَ مُتَعَبِّدًا بِاتِّبَاعِهَا، إلَّا مَا نُسِخَ مِنْهَا، وَنَقَلَهُ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ عَنْ أَكْثَرِ أَصْحَابِنَا وَعَنْ أَكْثَرِ الْحَنَفِيَّةِ وَطَائِفَةٍ مِنْ الْمُتَكَلِّمِينَ. وَقَالَ ابْنُ الْقُشَيْرِيّ: هُوَ الَّذِي صَارَ إلَيْهِ الْفُقَهَاءُ.

وَقَالَ سُلَيْمٌ: أَنَّهُ قَوْلُ أَكْثَرِ أَصْحَابِنَا، وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ أَوَّلًا فِي التَّبْصِرَةِ " وَاخْتَارَهُ ابْنُ بَرْهَانٍ وَقَالَ: إنَّهُ قَوْلُ أَصْحَابِنَا، وَحَكَاهُ الْأُسْتَاذُ أَبُو مَنْصُورٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ قَالَ: وَلِذَلِكَ اسْتَدَلَّ بِقِصَّةِ صَالِحٍ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَقَوْمِهِ فِي شُرْبِ النَّاقَةِ عَلَى إجَازَةِ الْمُهَايَأَةِ. وَقَالَ الْخَفَّافُ فِي شَرْحِ الْخِصَالِ ": شَرَائِعُ مَنْ قَبْلَنَا وَاجِبَةٌ عَلَيْنَا إلَّا فِي خَصْلَتَيْنِ: إحْدَاهُمَا أَنْ يَكُونَ شَرْعُنَا نَاسِخًا لَهَا، أَوْ يَكُونُ فِي شَرَعْنَا ذِكْرٌ لَهَا، فَعَلَيْنَا اتِّبَاعُ مَا كَانَ مِنْ شَرْعِنَا وَإِنْ كَانَ فِي شَرْعِهِمْ مُقَدَّمًا. انْتَهَى. وَاخْتَارَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ إذَا وَجَدْنَا حُكْمًا فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>