للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إمَّا بِالْقُرْآنِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً} [البقرة: ٦٧] ، أَوْ تَصْحِيحُ السُّنَّةِ، كَمَا اسْتَدَلُّوا بِحَدِيثِ الْغَارِ عَلَى صِحَّةِ بَيْعِ الْفُضُولِيِّ وَشِرَائِهِ، أَوْ ثَبَتَ نَقْلٌ بِطَرِيقِ التَّوَاتُرِ الَّذِي لَا يُمْكِنُ الْغَلَطُ فِيهِ. وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْإِيمَانُ عَلَى مَا سَبَقَ فِي " بَابِ الْخَبَرِ ". هَذَا هُوَ الَّذِي يَقْتَضِيهِ الْقِيَاسُ، لَكِنَّ الظَّاهِرَ خِلَافُهُ، وَلِهَذَا قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي " كِتَابِ الْأَطْعِمَةِ ": لَا يُعْتَمَدُ قَوْلُ أَهْلِ الْكِتَابِ.

وَإِمَّا بِأَنْ يَشْهَدَ بِهِ اثْنَانِ أَسْلَمَا مِنْهُمْ مِمَّنْ يَعْرِفُ الْمُبْدَلَ. الشَّرْطُ الثَّانِي: أَنْ لَا تَخْتَلِفَ فِي تَحْرِيمِ ذَلِكَ وَتَحْلِيلِهِ شَرِيعَتَانِ، فَإِنْ اخْتَلَفَتَا كَأَنْ كَانَ ذَلِكَ حَرَامًا فِي شَرِيعَةِ إبْرَاهِيمَ، وَحَلَالًا فِي شَرِيعَةِ غَيْرِهِ، فَيُحْتَمَلُ أَنْ يُؤْخَذَ بِالْمُتَأَخِّرِ، وَيُحْتَمَلُ التَّخْيِيرُ، وَإِنْ لَمْ نَقُلْ بِأَنَّ الثَّانِيَ نَاسِخٌ لِلْأَوَّلِ، فَإِنْ ثَبَتَ كَوْنُ الثَّانِي نَاسِخًا وَجُهِلَ كَوْنُهُ حَرَامًا فِي الدِّينِ السَّابِقِ أَوْ اللَّاحِقِ تُوَقِّفَ وَيُحْتَمَلُ الرُّجُوعُ إلَى الْإِبَاحَةِ الْأَصْلِيَّةِ. الشَّرْطُ الثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ التَّحْرِيمُ وَالتَّحْلِيلُ ثَابِتًا قَبْلَ تَحْرِيفِهِمْ وَتَبْدِيلِهِمْ، فَإِنْ اسْتَحَلُّوا وَحَرَّمُوا بَعْدَ النَّسْخِ وَالتَّحْرِيفِ فَلَا عِبْرَةَ بِهِ أَلْبَتَّةَ. الْخَامِسُ هَذَا كُلُّهُ فِي فُرُوعِ الدِّينِ، فَأَمَّا الْعَقَائِدُ فَهِيَ لَازِمَةٌ لِكُلِّ أَحَدٍ. قَالَ تَعَالَى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ} [الأنعام: ٩٠] وَيَدُلُّ لِذَلِكَ أَنَّ الْعُلَمَاءَ احْتَجُّوا عَلَى أَنَّ اللَّهَ خَالِقٌ لِفِعْلِ الْعَبْدِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى حَاكِيًا عَنْ إبْرَاهِيمَ: {أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ} [الصافات: ٩٥] {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ} [الصافات: ٩٦] وَلَمْ يَرُدَّ الْمُعْتَزِلَةُ هَذَا بِأَنَّهُ شَرْعٌ سَابِقٌ. وَأَلْحَقَ بَعْضُهُمْ بِالْإِيمَانِ تَحْرِيمَ الْقَتْلِ وَالْكُفْرِ وَالسَّرِقَةِ وَالرِّبَا وَنَحْوِهِمَا، وَقَالَ: اتَّفَقَتْ الشَّرَائِعُ عَلَى تَحْرِيمِهَا، وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا: هَلْ حُرِّمَتْ فِي شَرْعِنَا

<<  <  ج: ص:  >  >>