للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَسْأَلَةٌ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ لِنَبِيٍّ أَوْ مُجْتَهِدٍ: اُحْكُمْ بِمَا شِئْت مِنْ غَيْرِ اجْتِهَادٍ فَهُوَ صَوَابٌ، أَيْ فَهُوَ حُكْمِي فِي عِبَادِي، إذَا عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَخْتَارُ إلَّا الصَّوَابَ وَيَكُونُ قَوْلُهُ إذْ ذَاكَ مِنْ جُمْلَةِ الْمَدَارِكِ الشَّرْعِيَّةِ، وَيُسَمَّى (التَّفْوِيضُ) ، قَالَهُ الْقَاضِي فِي التَّقْرِيبِ " وَتَبِعَهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ إلْكِيَا وَابْنُ الصَّبَّاغِ، وَقَالَ: إنَّهُ قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ. قَالَ الْقَاضِي: وَقَالَ أَكْثَرُ الْمُعْتَزِلَةِ: لَا يَجُوزُ، بِنَاءً عَلَى رَأْيِهِمْ أَنَّ الشَّرْعَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمَصَالِحِ، وَقَدْ لَا يَكُونُ فِي اخْتِيَارِهِ مَصْلَحَةٌ. وَقَالَ الشَّرِيفُ الْمُرْتَضَى فِي الذَّرِيعَةِ ": الصَّحِيحُ السَّمَاعُ، وَلَا بُدَّ فِي كُلِّ حُكْمٍ مِنْ دَلِيلٍ لَا يَرْجِعُ إلَى اخْتِيَارِ الْفَاعِلِ. وَقَالَ: خَالَفَ مُوسَى بْنُ عِمْرَانَ فِي ذَلِكَ وَقَالَ: لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَنُصَّ لَهُ عَلَى الْحُكْمِ وَبَيْنَ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ لَا يَخْتَارُ إلَّا مَا هُوَ الْمَصْلَحَةُ، فَيُفَوِّضُ ذَلِكَ إلَى اخْتِيَارِهِ. انْتَهَى. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الرَّازِيَّ فِي أُصُولِهِ ": الصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ إلَّا بِطَرِيقِ الِاجْتِهَادِ. وَالثَّالِثُ: وَبِهِ قَالَ أَبُو عَلِيٍّ الْجُبَّائِيُّ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ: يَجُوزُ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ دُونَ الْعَالِمِ، ذَكَرَ ذَلِكَ فِي قَوْله تَعَالَى: {كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ إِلا مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ} [آل عمران: ٩٣] قَالَ أَبُو الْحُسَيْنِ: ثُمَّ رَجَعَ عَنْ هَذَا الْقَوْلِ. وَهَذَا الْقَوْلُ اخْتَارَهُ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>