مَا يَبْقَى، وَلَيْسَ فِيهِ كِتَابٌ وَلَا سُنَّةٌ وَلَا قِيَاسٌ، لِأَنَّا سَوَّيْنَا بَيْنَ الْأَبَوَيْنِ مَعَ الِابْنِ وَمُشَارَكَةُ أَوْلَادِ الْأُمِّ خَارِجَةٌ عَنْ الْقِيَاسِ، لِأَنَّا نُعْطِي الْعَشَرَةَ مِنْ إخْوَةِ الْأَبَوَيْنِ نِصْفَ السُّدُسِ مَثَلًا، وَنُعْطِي الْأُخْتَ الْوَاحِدَةَ لِلْأُمِّ السُّدُسَ، فَأَيُّ مُرَاعَاةٍ لِاِتِّخَاذِ الْقَرَابَةِ؟ فَإِنْ قِيلَ: إذَا كَانَ دَلِيلُ التَّقْلِيدِ الْحَدِيثَ السَّابِقَ فَيَنْبَغِي أَنْ يَتْبَعَ عَلِيًّا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي قَضَائِهِ وَمُعَاذًا فِي الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ لِقَوْلِهِ: «أَقْضَاكُمْ عَلِيٌّ، وَأَعْلَمُكُمْ بِالْحَلَالِ وَالْحَرَامِ مُعَاذٌ» ، وَالْجَوَابُ - كَمَا قَالَ - إنَّ الْقَضَاءَ يَتَّسِعُ، وَيَتَعَلَّقُ بِمَا لَا يُسَوِّغُ التَّقْلِيدَ فِيهِ، وَكَذَلِكَ الْحَلَالُ وَالْحَرَامُ. قَالَ: وَعِنْدَنَا أَنَّ الْمَذْهَبَ لَا يَسْتَقِلُّ بِتَقْلِيدِ زَيْدٍ: وَمَا انْتَحَلَ مَذْهَبُهُ إلَّا عَنْ أَصْلٍ يَجُوزُ فِيهِ الرَّأْيُ، وَلِهَذَا خَالَفَ الصَّحَابَةُ. وَالشَّافِعِيُّ لَمْ يَخْلُ بِمَسْأَلَةٍ عَنْ احْتِجَاجٍ، وَإِنَّمَا اعْتَصَمَ بِشَهَادَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَرْجِيحًا وَبِهَذَا تَبَيَّنَ. انْتَهَى. وَجَرَى عَلَى ذَلِكَ الرَّافِعِيُّ. وَأَمَّا ابْنُ الرِّفْعَةِ فَقَالَ: الظَّاهِرُ أَنَّ اخْتِيَارَ الشَّافِعِيِّ لِمَذْهَبِ زَيْدٍ اخْتِيَارُ تَقْلِيدٍ، كَمَا يَقْتَضِيهِ ظَاهِرُ لَفْظِ الْأُمِّ " إذْ قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَقُلْنَا إذَا وَرِثَ الْجَدُّ مَعَ الْإِخْوَةِ قَاسَمَهُمْ مَا كَانَتْ الْمُقَاسَمَةُ خَيْرًا لَهُ مِنْ الثُّلُثِ، فَإِذَا كَانَ الثُّلُثُ خَيْرًا لَهُ مِنْهَا أُعْطِيَهُ. وَهَذَا قَوْلُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، وَعَنْهُ قَبْلَنَا أَكْثَرَ الْفَرَائِضِ وَهِيَ الَّتِي لَا نَصَّ فِيهَا وَلَا إجْمَاعَ. وَجَعَلَ الرَّافِعِيُّ مَوْضِعَ الْقَوْلَيْنِ مَا إذَا لَمْ يَنْتَشِرْ فِيهِمْ، قَالَ: ثُمَّ عَنْ الصَّيْرَفِيِّ وَالْقَفَّالِ أَنَّ الْقَوْلَ فِيمَا إذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُ قِيَاسٌ أَصْلًا، فَإِنْ كَانَ مَعَ قَوْلِهِ قِيَاسٌ ضَعِيفٌ احْتَجَّ بِهِ وَتَرَجَّحَ عَلَى الْقِيَاسِ الْقَوِيِّ. قَالَ: وَالْأَكْثَرُونَ عَلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ. قَالَ: وَإِنْ انْتَشَرَ فَإِمَّا أَنْ يُخَالِفَهُ غَيْرُهُ أَوْ يُوَافِقُهُ سَائِرُ أَصْحَابِهِ أَوْ يَسْكُتُوا. فَإِنْ خَالَفَهُ فَعَلَى قَوْلِهِ الْجَدِيدِ هُوَ كَاخْتِلَافِ الْمُجْتَهِدِينَ. وَعَلَى.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute