الْقَدِيمِ هُمَا حُجَّتَانِ تَعَارَضَتَا، فَتَرَجَّحَ مِنْ خَارِجٍ، وَإِنْ وَافَقَهُ جَمِيعُ الصَّحَابَةِ فَهُوَ إجْمَاعٌ مِنْهُمْ. .
التَّفْرِيعُ [عَلَى أَنَّ قَوْلَ الصَّحَابِيِّ حُجَّةٌ] إنْ قُلْنَا أَنَّهُ حُجَّةٌ فَلَا يَجُوزُ لِلتَّابِعِيِّ مُخَالَفَتُهُ، وَلِلْمُسْتَدِلِّ أَنْ يَحْتَجَّ بِهِ كَمَا يَحْتَجُّ بِأَخْبَارِ الْآحَادِ وَالْأَقْيِسَةِ، لَكِنَّهُ مُتَأَخِّرٌ عَنْهَا فِي الرُّتْبَةِ. فَلَا يَتَمَسَّكُ بِشَيْءٍ مِنْهَا إلَّا عِنْدَ عَدَمِهَا، وَفِي تَقْدِيمِ الْقِيَاسِ عَلَيْهِ الْخِلَافُ السَّابِقُ. وَكَذَلِكَ الْقَوْلُ فِي " شَرْعِ مَنْ قَبْلَنَا " لَا يَرْجِعُ إلَيْهِ إلَّا عِنْدَ عَدَمِ أَدِلَّةِ شَرْعِنَا. وَهَلْ يَجُوزُ أَنْ يَخُصَّ بِهِ عُمُومَ كِتَابٍ أَوْ سُنَّةٍ؟ فِيهِ وَجْهَانِ لِأَصْحَابِنَا حَكَاهُمَا الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ وَالشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ وَالرَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُمْ. فَلَوْ اخْتَلَفُوا قَالَ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ كَانَ قَوْلُ الْمُخَالِفِينَ قَبْلَهُمْ بِحُجَّتَيْنِ تَعَارَضَتَا، وَبِهِ جَزَمَ الرَّافِعِيُّ. قَالَ الشَّيْخُ فَيُرَجَّحُ أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ عَلَى الْآخَرِ بِكَثْرَةِ الْعَدَدِ، فَإِنْ اسْتَوَيَا قُدِّمَ بِالْأَئِمَّةِ، فَإِنْ كَانَ فِي أَحَدِهِمَا الْأَكْثَرُ، وَفِي الْآخَرِ الْأَقَلُّ، لَكِنَّ مَعَ الْأَقَلِّ أَحَدَ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ تَسَاوَيَا، فَإِنْ اسْتَوَيَا فِي الْعَدَدِ وَالْأَئِمَّةِ، وَمَعَ أَحَدِهِمَا قَوْلُ الشَّيْخَيْنِ فَفِيهِ وَجْهَانِ: (أَحَدُهُمَا) : أَنَّهُمَا سَوَاءٌ. و (الثَّانِي) : تَرْجِيحُ الْقَوْلِ الَّذِي مَعَهُ أَحَدُ الْعُمَرَيْنِ، لِحَدِيثِ: «اقْتَدُوا بِاَللَّذَيْنِ مَنْ بَعْدِي» . ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَ اخْتِلَافِ أَقْوَالِ الصَّحَابَةِ وَاخْتِلَافِ الْحَدِيثِ فِي أَنَّهُ لَا يَجْمَعُ بَيْنَ أَقْوَالِ الصَّحَابَةِ بِتَنْزِيلِ الْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ، وَتَخْصِيصِ الْعَامِّ بِالْخَاصِّ، وَتَأْوِيلِ مَا يَحْتَمِلُ، وَنَحْوَ ذَلِكَ، مِمَّا يَجْمَعُ بِهِ بَيْنَ الْأَخْبَارِ الْمُخْتَلِفَةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute