للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَاعْلَمْ أَنَّهُ إذَا حُرِّرَ الْمُرَادُ بِالِاسْتِحْسَانِ زَالَ التَّشْنِيعُ، وَأَبُو حَنِيفَةَ بَرِيءَ إلَى اللَّهِ مِنْ إثْبَاتِ حُكْمٍ بِلَا حُجَّةٍ. قَالَ الْفَارِضُ الْمُعْتَزِلِيُّ فِي النُّكَتِ ": وَقَدْ جَرَتْ لَفْظَةُ (الِاسْتِحْسَانِ) لِإِيَاسِ بْنِ مُعَاوِيَةَ، وَلِمَالِكِ بْنِ أَنَسٍ فِي كِتَابِهِ، وَلِلشَّافِعِيِّ فِي مَوَاضِعَ. انْتَهَى. وَعَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ، قَالَ مَالِكٌ: تِسْعَةُ أَعْشَارِ الْعِلْمِ الِاسْتِحْسَانُ. قَالَ أَصْبَغُ بْنُ الْفَرَجِ: الِاسْتِحْسَانُ فِي الْعِلْمِ يَكُونُ أَبْلَغُ مِنْ الْقِيَاسِ. ذَكَرَهُ فِي كِتَابِ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ مِنْ " الْمُسْتَخْرَجَةِ " نَقَلَهُ ابْنُ حَزْمٍ فِي الْأَحْكَامِ ". وَقَالَ الْبَاجِيُّ: ذَكَرَ مُحَمَّدُ بْنُ خُوَيْزِ مَنْدَادٍ مَعْنَى الِاسْتِحْسَانِ الَّذِي ذَهَبَ إلَيْهِ أَصْحَابُ مَالِكٍ: هُوَ الْقَوْلُ بِأَقْوَى الدَّلِيلَيْنِ، كَتَخْصِيصِ بَيْعِ الْعَرَايَا مِنْ بَيْعِ الرُّطَبِ بِالتَّمْرِ، وَتَخْصِيصُ الرُّعَافِ دُونَ الْقَيْءِ بِالْبِنَاءِ، لِلْحَدِيثِ فِيهِ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ تَرِدْ سُنَّةٌ بِالْبِنَاءِ فِي الرُّعَافِ لَكَانَ فِي حُكْمِ الْقَيْءِ فِي أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الْبِنَاءُ، لِأَنَّ الْقِيَاسُ يَقْتَضِي تَتَابُعَ الصَّلَاةِ، فَإِذَا وَرَدَتْ السُّنَّةُ فِي الرُّخْصَةِ بِتَرْكِ التَّتَابُعِ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ صِرْنَا إلَيْهِ، وَأَبْقَيْنَا الْبَاقِي عَلَى الْأَصْلِ. قَالَ: وَهَذَا الَّذِي ذَهَبَ إلَيْهِ هُوَ الدَّلِيلُ، فَإِنْ سَمَّاهُ اسْتِحْسَانًا فَلَا مُشَاحَّةَ فِي التَّسْمِيَةِ. انْتَهَى.

<<  <  ج: ص:  >  >>