للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُقَالَ: لِفُلَانٍ فِي الْحَادِثَةِ رَأْيَانِ مُتَرَدِّدٌ بَيْنَهُمَا انْتَهَى وَكَذَلِكَ قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ فِي التَّلْخِيصِ ": لَا يَمْتَنِعُ مِنْ إطْلَاقِ الْقَوْلَيْنِ، وَإِنَّمَا وَجْهُ الْإِضَافَةِ إلَى الشَّافِعِيِّ ذِكْرُهُ لَهَا وَاسْتِقْصَاؤُهُ وُجُوهَ الْأَشْبَاهِ فِيهَا.

(الْحَالَةُ الثَّانِيَةُ) : أَنْ يَكُونَ فِي مَوْضِعَيْنِ، بِأَنْ يَنُصَّ فِي مَوْضِعٍ عَلَى إبَاحَةِ شَيْءٍ، وَفِي آخَرَ عَلَى تَحْرِيمِهِ - فَإِمَّا أَنْ يَعْلَمَ الْمُتَأَخِّرَ مِنْهُمَا فَهُوَ مَذْهَبُهُ وَيَكُونُ الْأَوَّلُ مَرْجُوعًا عَنْهُ، وَيَجْعَلُ الْأَوَّلَ كَالْمَنْسُوخِ فَلَا يَكُونُ الْأَوَّلُ قَوْلًا لَهُ، قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ، وَصَحَّحَهُ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ وَابْنُ السَّمْعَانِيِّ وَذَهَبَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ إلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَنُصَّ عَلَى الرُّجُوعِ، فَلَوْ لَمْ يَنُصَّ فِي الْجَدِيدِ الرُّجُوعَ عَنْ الْقَدِيمِ لَمْ يَكُنْ رُجُوعًا حَكَاهُ الشَّيْخُ وَكَذَا الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ صِفَةِ الْأَئِمَّةِ عَنْ الصَّيْدَلَانِيِّ أَنَّ أَصْحَابَنَا اخْتَلَفُوا فِي نَصِّ الشَّافِعِيِّ إذَا خَالَفَ الْآخِرُ الْأَوَّلَ، هَلْ يَكُونُ الْآخِرُ رُجُوعًا عَنْ الْأَوَّلِ أَمْ لَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ: (أَحَدِهِمَا) : أَنَّهُ لَا يَكُونُ رُجُوعًا، لِأَنَّهُ قَدْ يَنُصُّ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ عَلَى قَوْلَيْنِ، فَيَجُوزُ أَنْ يَذْكُرَهُمَا مُتَعَاقِبَيْنِ وَ (الثَّانِي) : يَكُونُ رُجُوعًا وَلَمْ يُرَجِّحْ الرَّافِعِيُّ شَيْئًا وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَوْ صَرَّحَ بِالرُّجُوعِ عَنْ الْأَوَّلِ فَلَيْسَ الْأَوَّلُ مَذْهَبًا بِهِ قَطْعًا، وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ فَوَجْهَانِ وَالرَّاجِحُ أَنَّهُ رُجُوعٌ إلَّا فِي مَسَائِلَ مُسْتَثْنَاةٍ عِنْدَ الْأَصْحَابِ، لِقِيَامِ دَلِيلٍ عَلَى الْقَوْلِ بِهِ، قَالَ سُلَيْمٌ: وَيَكُونُ إضَافَةُ الْقَدِيمِ إلَيْهِ عَلَى مَعْنَى أَنَّهُ قَالَهُ فِي وَقْتٍ، لَا عَلَى وَجْهٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقَوْلِ الْآخِرِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>