وَاعْلَمْ أَنَّهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ تَرَجَّحَ أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ عَلَى الْآخِرِ بِأُمُورٍ: (مِنْهَا) : أَنْ تَكُونَ أُصُولُ مَذْهَبِهِ مُوَافِقَةً دُونَ الْآخَرِ فَيَكُونُ هُوَ الْمَذْهَبُ، قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَ (مِنْهَا) : أَنْ يُكَرَّرَ أَحَدُهُمَا أَوْ يُفَرَّعَ عَلَيْهِ فَهَلْ يَكُونُ رُجُوعًا عَنْ الْآخَرِ؟ وَجْهَانِ، حَكَاهُمَا الْمَاوَرْدِيُّ، وَنَسَبَ ابْنُ كَجٍّ الرُّجُوعَ فِي حَالَةِ التَّفْرِيعِ إلَى الْمُزَنِيّ قَالَ: وَعَامَّةُ أَصْحَابِنَا أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِرُجُوعٍ، وَجَزَمَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ أَنَّهُ رُجُوعٌ فِي التَّفْرِيعِ، وَحَكَى خِلَافَ الْمُزَنِيّ فِي التَّكْرِيرِ وَقَالَ: خَالَفَهُ أَبُو إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيّ فَقَالَ: هَذَا لَا يَدُلُّ عَلَى اخْتِيَارِهِ، لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ ذَكَرَهُ اكْتِفَاءً بِمَا ذَكَرَهُ قَالَ الْقَاضِي: وَاَلَّذِي قَالَهُ الْمُزَنِيّ هُوَ الصَّحِيحُ وَكَذَا قَالَ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ.
وَ (مِنْهَا) : مَا لَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا يُوَافِقُ مَذْهَبَ أَبِي حَنِيفَةَ، فَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ: مَا يُخَالِفُهُ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ أَرْجَحُ، وَعَكَسَ الْقَفَّالُ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ وَالنَّوَوِيُّ وَالْأَصَحُّ: التَّرْجِيحُ بِالنَّظَرِ، فَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ تَرْجِيحٌ فَالْوَقْفُ وَ (مِنْهَا) : أَنْ يَنُصَّ عَلَى أَحَدِهِمَا فِي مَوْضِعٍ آخَرَ، فَهَلْ يَكُونُ ذَلِكَ اخْتِيَارًا مِنْهُ لِذَلِكَ الْقَوْلِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ، حَكَاهُمَا الرَّافِعِيُّ قَبْلَ الدِّيَاتِ، وَحَكَى ابْنُ السَّمْعَانِيِّ عَنْ الْقَاضِي والماوردي أَنَّهُ قَسَمَ الْقَوْلَيْنِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ إلَى أَرْبَعَةَ عَشَرَ قِسْمًا: أَحَدِهَا: أَنْ يُقَيِّدَ جَوَابَهُ فِي مَوْضِعٍ وَيُطْلِقَهُ فِي آخَرَ كَقَوْلِهِ فِي أَقَلِّ الْحَيْضِ: يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ، وَفِي مَوْضِعٍ آخَرَ: يُرِيدُ مَعَ لَيْلَتِهِ فَحَمَلَ الْمُطْلَقَ عَلَى الْمُقَيَّدِ لَكِنْ لَا يُقَالُ: لَهُ قَوْلَانِ وَإِنَّمَا هُوَ وَاحِدٌ ثَانِيهَا: أَنْ تَخْتَلِفَ أَلْفَاظُهُ مَعَ اتِّفَاقِ مَعَانِيهَا مِنْ وَجْهٍ وَاخْتِلَافِهَا مِنْ وَجْهٍ فَغَلَّبَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا حُكْمَ الِاخْتِلَافِ وَلَمْ يُغَلِّبْ حُكْمَ الِاتِّفَاقِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute