للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَسِيرَةُ ثَلَاثِ لَيَالٍ، فَأَجَابَ الشَّيْخُ: الْمُرَادُ بِالنَّاحِيَتَيْنِ فِي حَدِيثِ الْحَوْضِ الْمُقَدَّرُ بِمَا بَيْنَ مَكَّةَ وَبُصْرَى، نَاحِيَتَاهُ مِنْ الْعَرْضِ قُلْت: وَهَذَا الْجَوَابُ لَيْسَ بِصَحِيحٍ، كَمَا زَعَمَهُ الشَّيْخُ، لِلْأَحَادِيثِ الْمُصَرِّحَةِ بِالتَّسْوِيَةِ بَيْنَ الْعَرْضِ وَالطُّولِ وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ: «عَرْضُهُ مِثْلُ طُولِهِ» ، وَفِي الصَّحِيحَيْنِ رِوَايَاتٌ: (سَوَاءٌ) ، أَيْ: عَرْضُهُ وَطُولُهُ (سَوَاءٌ) .

الثَّانِي: سَبَقَ أَنَّ طَرِيقَةَ التَّنْزِيلِ عَلَى حَالَتَيْنِ لَيْسَتْ عَلَى الْحُكْمِ، فَعَلَى هَذَا إذَا تَعَارَضَ الْخَبَرَانِ وَأَمْكَنَ اسْتِعْمَالُهُمَا فِي مَوْضِعِ الْخِلَافِ فَهُوَ أَوْلَى مِنْ اسْتِعْمَالِهِمَا فِي غَيْرِ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ ذَكَرَهُ ابْنُ الْقَطَّانِ قَالَ: وَهَذَا يَقُولُهُ أَصْحَابُنَا فِي قَوْلِهِ: «لَا نِكَاحَ إلَّا بِوَلِيٍّ» عَلَى الصِّغَارِ وَالْمَجَانِينِ، وَحَمَلُوا «الْأَيِّمُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا، وَلَيْسَ لِلْوَلِيِّ مَعَ الثَّيِّبِ أَمْرٌ» فَاسْتَعْمَلَهُ أَهْلُ الْعِرَاقِ فِي الْمَرْأَتَيْنِ، وَحَمَلُوا قَوْلَهُ: «لَا نِكَاحَ إلَّا بِوَلِيٍّ» عَلَى الصِّغَارِ وَالْمَجَانِينِ، وَحَمَلُوا «الْأَيِّمُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا» عَلَى الْبَالِغَةِ الْعَاقِلَةِ قَالَ أَصْحَابُنَا: وَنَحْنُ نَسْتَعْمِلُهَا فِي الْمَوْضِعِ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ، وَهِيَ الْبَالِغَةُ، لِأَنَّا اسْتَفَدْنَا كَوْنَ الصِّغَارِ لَا يُعْتَمَدُ عَلَيْهِنَّ إلَّا الْوَلِيُّ بِالْإِجْمَاعِ، وَلَا وَجْهَ لِتَخْصِيصِ النِّكَاحِ بِذَلِكَ دُونَ غَيْرِهِ، فَإِذَا صَحَّ هَذَا كَانَ حَمْلُنَا أَوْلَى، لِأَنَّهُ أَكْثَرُ فَائِدَةٍ.

الشَّرْطُ الرَّابِعُ: أَنْ يَتَرَجَّحَ بِالْمَزِيَّةِ الَّتِي لَا تَسْتَقِلُّ وَهَلْ يَجُوزُ التَّرْجِيحُ بِالدَّلِيلِ الْمُسْتَقِلِّ؟ فِيهِ قَوْلَانِ: (أَحَدُهُمَا) : نَعَمْ، كَالْمَزِيَّةِ، بَلْ أَوْلَى، فَإِنَّ الْمُسْتَقِلَّ أَقْوَى مِنْ غَيْرِ الْمُسْتَقِلِّ وَ (الثَّانِي) : وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَعَزَاهُ إلَى الْأَكْثَرِينَ، الْمَنْعُ، لِأَنَّ الرُّجْحَانَ وَصْفٌ لِلدَّلِيلِ، وَالْمُسْتَقِلُّ لَيْسَ وَصْفًا لَهُ، وَلِأَنَّهُ إنْ كَانَ دُونَهُ فَهُوَ

<<  <  ج: ص:  >  >>