للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَاطِلٌ لَا تَرْجِيحَ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ فَوْقَهُ فَهُوَ مُسْتَمْسِكٌ بِهِ لَا بِطَرِيقِ التَّرْجِيحِ، وَإِنْ كَانَ مِثْلَهُ رَجَعَ الْبَحْثُ إلَى التَّرْجِيحِ بِالْعَدَدِ، وَلِأَنَّ الْأَدِلَّةَ إذَا تَمَاثَلَتْ سَقَطَ الزَّائِدُ، لِأَنَّ أَثَرَهُ مِثْلُ الْأَوَّلِ، وَإِلَّا يَلْزَمُ اجْتِمَاعُ الْمِثْلَيْنِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَزِيَّةِ أَنَّ الْفَضْلَةَ مُسْتَغْنًى عَنْهَا لَا اتِّصَالَ لَهَا بِالدَّلِيلِ، بِخِلَافِ الدَّلِيلِ، فَإِنَّهُ لَا يُمْكِنُ الِاسْتِغْنَاءُ عَنْهُ وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ، بِنَاءً عَلَى رُجُوعِهِ إلَى أَوْصَافٍ لَا إلَى ذَوَاتٍ، وَهُوَ كَثْرَةُ النَّظَائِرِ، وَكَثْرَتُهَا وَصْفٌ فِي الدَّلِيلِ، وَلِأَنَّ الْمِزْيَةَ أَيْضًا مُسْتَغْنًى عَنْهَا وَلِهَذَا لَوْ فَرَضْنَا خُلُوَّ الدَّلِيلِ مِنْهَا لَاسْتَقَلَّ وَقَوْلُ النَّافِي: يَلْزَمُ اجْتِمَاعُ الْمِثْلَيْنِ، مَمْنُوعٌ، بَلْ التَّقْوِيَةُ تَرْجِعُ إلَى التَّرْجِيحِ بِأَوْصَافٍ لَا بِذَوَاتٍ، وَهُوَ كَثْرَةُ النَّظَائِرِ، فَإِنَّ ذَلِكَ وَصْفٌ فِي الدَّلِيلِ، وَكَأَنَّا رَجَّحْنَا بِالتَّأْكِيدِ لَا بِالتَّأْسِيسِ، لِأَنَّ التَّأْكِيدَ يُبْعِدُ احْتِمَالَ الْمَجَازِ.

وَفَصَّلَ صَاحِبُ الْمُقْتَرَحِ " فَقَالَ: إنْ كَانَ الدَّلِيلُ الْمُسْتَقِلُّ مُغْنِيًا عَنْ الْأَوَّلِ لَمْ يَصِحَّ التَّرْجِيحُ بِهِ، لِأَنَّهُ تَطْوِيلٌ بِلَا فَائِدَةٍ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُغْنِيًا عَنْهُ صَحَّ التَّرْجِيحُ بِهِ، لِأَنَّهُ مَانِعٌ مِنْهُ وَمَثَّلَ الْأَوَّلَ بِمَا إذَا تَمَسَّكَ بِقِيَاسٍ فَعُورِضَ بِقِيَاسٍ، فَرَجَحَ قِيَاسُهُ بِالنَّصِّ، فَهَذَا لَا يَصِحُّ، لِأَنَّ النَّصَّ الَّذِي رَجَحَ بِهِ يُغْنِي عَنْ الْقِيَاسِ، فَإِنَّ ذِكْرَ الْقِيَاسِ تَطْوِيلٌ بِلَا فَائِدَةٍ وَمَثَّلَ الثَّانِيَ بِمَا إذَا تَمَسَّكَ بِنَصٍّ وَهَذَا التَّفْصِيلُ لَا يَرْجِعُ إلَى أَمْرٍ أُصُولِيٍّ، بَلْ إلَى أَمْرٍ جَدَلِيٍّ اصْطِلَاحِيٍّ.

وَانْبَنَى عَلَى هَذَا الْخِلَافِ فِي هَذَا الْأَصْلِ مَسَائِلُ كَثِيرَةٌ: (مِنْهَا) : أَنَّهُ يَجُوزُ التَّرْجِيحُ بِكَثْرَةِ الْأَدِلَّةِ عِنْدَنَا، خِلَافًا لِلْحَنَفِيَّةِ، لِأَنَّ الظَّنَّيْنِ أَقْوَى مِنْ الظَّنِّ الْوَاحِدِ، فَيُعْمَلُ بِالْأَقْوَى.

وَ (مِنْهَا) : تَرْجِيحُ أَحَدِ الْخَبَرَيْنِ عَلَى الْآخَرِ بِكَثْرَةِ الرِّوَايَةِ، لِأَنَّ الْعَدَدَ إذَا كَثُرَ قَرُبَ مِنْ التَّوَاتُرِ فَالْتَحَقَ بِتَقْدِيمِ الْمُتَوَاتِرِ عَلَى الْآحَادِ وَالْخِلَافُ فِي هَذَا أَضْعَفُ وَلِهَذَا وَافَقَ هُنَا مَنْ خَالَفَ وَنَقَلَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ عَنْ بَعْضِ الْمُعْتَزِلَةِ الْمَنْعَ، كَالشَّهَادَةِ، وَقَالَ: الَّذِي ذَهَبَ إلَيْهِ الْأَكْثَرُونَ التَّرْجِيحُ بِهِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>