لِأَنَّهُ يُورِثُ مَزِيدًا فِي غَلَبَةِ الظَّنِّ وَسَيَأْتِي فِيهِ مَزِيدُ كَلَامٍ.
وَ (مِنْهَا) : أَنَّهُ انْضَمَّ إلَى أَحَدِ الْخَبَرَيْنِ قِيَاسٌ، قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ: فَاَلَّذِي ارْتَضَاهُ الشَّافِعِيُّ تَقْدِيمُ الْحَدِيثِ الْمُوَافِقِ لِلْقِيَاسِ وَقَالَ الْقَاضِي: لَا مُرَجِّحَ بِهِ، لِأَنَّهُ ظَنٌّ مُسْتَقِلٌّ فَتَسَاقَطَا، وَيَرْجِعُ إلَى الْقِيَاسِ، فَالْمَسْلَكَانِ يُفْضِيَانِ إلَى حُكْمِ الْقِيَاسِ، وَلَكِنَّ الشَّافِعِيَّ يَرَى تَعْلِيقَ الْحُكْمِ بِالْخَبَرِ الرَّاجِحِ بِمُوَافَقَةِ الْقِيَاسِ فَالْقَاضِي يَعْمَلُ بِالْقِيَاسِ وَيَسْقُطُ الْخَبَرُ فَإِنْ قُلْت: فَالْخِلَافُ لَفْظِيٌّ قُلْت: بَلْ يَرْجِعُ إلَى أَنَّ الْمَسْأَلَةَ تَوْقِيفِيَّةٌ أَوْ قِيَاسِيَّةٌ، وَيَظْهَرُ أَثَرُ ذَلِكَ فِيمَا لَوْ حَكَمَ بِهِ حَاكِمٌ يَنْقُضُ وَالصُّورَةُ أَنَّهُ غَيْرُ جَلِيٍّ وَفِي الْمَسْأَلَةِ مَذْهَبٌ ثَالِثٌ حَكَاهُ أَبُو الْعِزِّ فِي شَرْحِ الْمُقْتَرَحِ ": التَّفْصِيلُ بَيْنَ مَا يَظْهَرُ مِنْ قَصْدِ الشَّارِعِ إرَادَةَ الْمُجْمَلِ الظَّاهِرِ فَلَا يَصِحُّ عَضُدُهُ بِقِيَاسٍ، وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ قَصْدُهُ لِذَلِكَ فَيَصِحُّ، تَفْرِقَةً بَيْنَ تَأْيِيدِهِ ظُهُورَ اللَّفْظِ فِي الْمَعْنَى لِظُهُورِ الْقَصْدِ وَبَيْنَ مَا لَمْ يَتَأَيَّدْ بِذَلِكَ وَقَالَ إلْكِيَا: إنْ كَانَ مَعَ أَحَدِهِمَا قِيَاسٌ، وَفِي الْجَانِبِ الْآخَرِ مَزِيدُ وُضُوحٍ كَزِيَادَةِ الرُّوَاةِ وَالْعَدَالَةِ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يُعْمَلَ بِالْقِيَاسِ، لِاسْتِقْلَالِهِ، وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ مِنْ جِهَةِ أَنَّ الْقِيَاسَ حُجَّةٌ ضَرُورَةً عِنْدَ فَقْدِ النَّصِّ، وَدَلَالَةُ النَّصِّ ثَابِتَةٌ فِي أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّهَا ضَعُفَتْ بِالتَّعَارُضِ وَالْقِيَاسُ مُسْتَقِلٌّ فَيَتَعَارَضُ النَّظَرَانِ، قَالَ: وَالْأَشْبَهُ بِمَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ تَقْدِيمُ الْخَبَرِ الرَّاجِحِ، ثُمَّ حَكَى قَوْلًا أَنَّهُ كَالْحُكْمِ قَبْلَ وُرُودِ الشَّرِيعَةِ، فَيَجِيءُ فِيهِ الْخِلَافُ الْمَشْهُورُ.
وَ (مِنْهَا) : أَنْ يَكُونَ أَحَدُ الْخَبَرَيْنِ أَقْرَبَ إلَى الْقَوَاعِدِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَاَلَّذِي قَبْلَهُ أَنَّ فِي هَذَا لَهُ مُخَالَفَةَ الْقِيَاسِ، فَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ مُخَالِفَ الْقِيَاسِ يُرَجَّحُ فَكُلَّمَا كَانَ أَقَلَّ مُخَالَفَةً كَانَ أَكْثَرَ قُرْبًا، فَكَانَ أَرْجَحَ، فَإِنَّا لَوْ أَرَدْنَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute