أَنْ نُثْبِتَ الْقِيَاسَ عَلَى وَفْقِ أَحَدِ الْخَبَرَيْنِ لَعَجَزْنَا وَلَا يَجِيءُ هُنَا خِلَافُ الْقَاضِي بِالتَّسَاقُطِ، إذْ لَوْ أَسْقَطْنَاهَا لَمْ نَقْدِرْ عَلَى إثْبَاتِ هَيْئَةِ الْقِيَاسِ، فَتَعَيَّنَ الْعَمَلُ بِأَحَدِهِمَا بِمُرَجِّحِ الْقُرْبِ.
مَسْأَلَةٌ قَالَ ابْنُ كَجٍّ: يَقَعُ التَّرْجِيحُ بِوُجُوهٍ: ذَكَرَهَا الشَّافِعِيُّ: أَحَدِهَا: بِكَثْرَةِ الرُّوَاةِ، عَلَى اخْتِلَافِ الْقَوْلَيْنِ ثَانِيهَا: بِالنَّقْلِ، فَإِنَّهُ يَكُونُ أَحَدُهُمَا مُوَافِقًا لِمَا قَبْلَ الشَّرْعِ، وَالْآخَرُ نَاقِلًا، فَيُقَدَّمُ، لِأَنَّ مَعَهُ زِيَادَةً، كَمَا لَوْ شَهِدَا بِأَنَّ هَذِهِ الدَّارَ لِزَيْدٍ خَلَفَهَا لِوَرَثَتِهِ، وَشَهِدَ آخَرَانِ بِأَنَّهُ بَاعَهَا مِنْ عَمْرٍو، تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الْبَيْعِ، لِأَنَّ أُولَئِكَ بَنَوْا عَلَى الْحَالِ الْأَوَّلِ ثَالِثِهَا: أَنْ يَتَقَدَّمَ أَحَدُهُمَا، فَالْمُتَأَخِّرُ أَوْلَى، لِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ: كُنَّا نَأْخُذُ بِالْأَحْدَثِ فَالْأَحْدَثِ رَابِعِهَا: أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا أَشْبَهَ بِاسْتِعْمَالِ الصَّحَابَةِ خَامِسِهَا: أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا أَشْبَهَ بِاسْتِعْمَالِ الْفُقَهَاءِ سَادِسِهَا: أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا أَشْبَهَ بِظَاهِرِ الْقُرْآنِ، لِأَنَّ السُّنَنَ أَكْثَرُهَا لَهَا أَصْلٌ فِي الْكِتَابِ إمَّا نَصًّا أَوْ اسْتِدْلَالًا سَابِعِهَا: أَنْ يَكُونَ أَشْبَهَ بِالْقِيَاسِ وَهَذَا كُلُّهُ سَيَأْتِي مُفَصَّلًا، وَلَكِنْ أَحْبَبْت مَعْرِفَتَهُ مِنْ كَلَامِ الشَّافِعِيِّ مَجْمُوعًا قَالَ ابْنُ كَجٍّ: وَإِذَا اجْتَمَعَ مُرَجَّحَاتٌ فِي خَبَرٍ، وَاثْنَانِ فِي خَبَرٍ، فَاَلَّذِي اجْتَمَعَ فِيهِ الثَّلَاثَةُ أَوْلَى، لِأَنَّهُ أَكْثَرُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute