مَسْأَلَةٌ إذَا تَعَارَضَ نَصَّانِ، فَإِمَّا أَنْ يَكُونَا عَامَّيْنِ أَوْ خَاصَّيْنِ، أَوْ أَحَدُهُمَا عَامًّا وَالْآخَرُ خَاصًّا، أَوْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَامًّا مِنْ وَجْهٍ خَاصًّا مِنْ وَجْهٍ آخَرَ. فَهَذِهِ أَرْبَعَةُ أَنْوَاعٍ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الْأَنْوَاعِ يَنْقَسِمُ ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ: لِأَنَّهُمَا إمَّا أَنْ يَكُونَا مَعْلُومَيْنِ أَوْ مَظْنُونَيْنِ أَوْ أَحَدُهُمَا مَعْلُومًا وَالْآخَرُ مَظْنُونًا، فَحَصَلَ اثْنَا عَشَرَ، وَكُلٌّ مِنْهَا إمَّا أَنْ يُعْلَمَ تَقَدُّمُهُ أَوْ تَأَخُّرُهُ أَوْ يُجْهَلَ فَتَصِيرُ الْقِسْمَةُ مِنْ سِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ: أَمَّا النَّوْعُ الْأَوَّلُ: فَهُوَ أَنْ يَكُونَا مَعْلُومَيْنِ، وَيَقَعُ عَلَى ثَلَاثِهِ أَضْرُبٍ: (الضَّرْبُ الْأَوَّلُ) : أَنْ يَكُونَا مَعْلُومَيْنِ وَعُلِمَ التَّارِيخُ، فَالْمُتَأَخِّرُ نَاسِخٌ لِلْمُتَقَدِّمِ، سَوَاءٌ كَانَا آيَتَيْنِ أَوْ خَبَرَيْنِ أَوْ أَحَدُهُمَا آيَةً وَالْآخَرُ خَبَرًا عِنْدَ مَنْ يُجَوِّزُ النَّسْخَ عِنْدَ اخْتِلَافِ الْجِنْسِ. أَمَّا مَنْ يَمْنَعُهُ فَيَمْنَعُ الْفَسْخَ فِي هَذَا الْأَخِيرِ، قَالَهُ الْهِنْدِيُّ. وَقَالَ الْأُرْمَوِيُّ الشَّافِعِيُّ: وَإِنْ لَمْ نَقُلْ بِوُقُوعِ نَسْخِ الْخَبَرِ الْمُتَوَاتِرِ بِالْكِتَابِ، وَلَا بِالْعَكْسِ، وَلَكِنَّهُ إذَا تَعَارَضَا وَأَحَدُهُمَا مُتَقَدِّمٌ تَعَيَّنَ الْمُتَأَخِّرُ، وَهَذَا إذَا كَانَ حُكْمُ الْمُتَقَدِّمِ قَابِلًا لِلنَّسْخِ، وَإِلَّا كَصِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى قَالَ الْإِمَامُ: فَيَتَسَاقَطَانِ، وَيَجِبُ الرُّجُوعُ إلَى دَلِيلٍ. وَاعْتَرَضَ عَلَيْهِ النقشواني، فَإِنَّ الْمَدْلُولَ إذَا لَمْ يَقْبَلْ النَّسْخَ يَمْتَنِعُ الْعَمَلُ بِالْمُتَأَخِّرِ، فَلَا يُعَارِضُ الْمُتَقَدِّمَ، بَلْ يَجِبُ إعْمَالُ الْمُتَقَدِّمِ كَمَا كَانَ قَبْلَ وُرُودِ الْمُتَأَخِّرِ.
قُلْت: وَهَذَا إذَا كَانَ نَقْلُ التَّارِيخِ مُتَوَاتِرًا أَيْضًا، فَإِنْ كَانَ النَّصَّانِ مُتَوَاتِرَيْنِ وَالنَّسْخُ آحَادًا فَيُتَّجَهُ فِيهِ طَرِيقَتَانِ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute