وَهُنَا تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ لَوْ تَعَارَضَتْ الْكَثْرَةُ مِنْ جَانِبٍ وَالْعَدَالَةُ مِنْ جَانِبٍ آخَرَ. فَفِيهِ احْتِمَالَانِ لِإِلْكِيَا: (إحْدَاهُمَا) : تَرْجِيحُ الْكَثْرَةِ، لِقُرْبِهَا مِنْ الْمُسْتَفِيضِ وَالتَّوَاتُرِ. وَ (الثَّانِي) : تَرْجِيحُ الْعَدَالَةِ، فَإِنَّهُ رُبَّ رَجُلٍ يَعْدِلُ أَلْفَ رَجُلٍ فِي الثِّقَةِ، وَنَعْلَمُ أَنَّ الصَّحَابَةَ كَانُوا يُقَدِّمُونَ رِوَايَةَ الصِّدِّيقِ عَلَى رِوَايَةِ عَدَدٍ مِنْ أَوْسَاطِ النَّاسِ. قَالَ: وَهَذَا لَا نَجِدُ لَهُ مِثَالًا مِنْ النَّصِّ، فَإِنَّ الَّذِي أَوْرَدَهُ كَثِيرٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ يَحْتَمِلُ التَّأْوِيلَ، كَتَعَارُضِ الْأَخْبَارِ فِي الْقِرَاءَةِ خَلْفَ الْإِمَامِ وَتَعَارُضِ الْأَخْبَارِ فِي الْأَذَانِ لِلصُّبْحِ قَبْلَ الْوَقْتِ. وَلِلْقِيَاسِ مَجَالٌ وَرَاءَ الْخَبَرِ، وَإِنْ وَجَدْنَا مِثَالًا فَحُكْمُهُ مَا ذَكَرْنَا.
وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ قَدْ ذَكَرَهَا أُسْتَاذُهُ فِي الْبُرْهَانِ " وَحَكَى فِيهَا الْخِلَافَ عَنْ الْمُحَدِّثِينَ، وَأَنَّ مِنْهُمْ مَنْ يُقَدِّمُ الْعَدَدَ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُقَدِّمُ مَزِيَّةَ الثِّقَةِ، ثُمَّ قَالَ: وَالْمَسْأَلَةُ لَا تَبْلُغُ الْقَطْعَ، وَالْغَالِبُ تَقْدِيمُ مَزِيَّةِ الثِّقَةِ. الثَّانِي: لَا يَخْفَى أَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ أَنْ لَا يَبْلُغَ عَدَدُ الْمُخْبِرِينَ فِي الْكَثْرَةِ إلَى حَالَةٍ تَقْتَضِي الْعِلْمَ. الثَّالِثُ: أَنَّ هَذَا بِالنِّسْبَةِ إلَى الْأَخْبَارِ. .
أَمَّا الْآيَاتُ فَإِذَا جَاءَتْ آيَتَانِ تَدُلُّ عَلَى مَعْنًى وَاحِدٍ، وَآيَةٌ وَاحِدَةٌ تَدُلُّ عَلَى خِلَافِهِ، فَهَلْ تُرَجَّحُ الْأُولَى.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute