تَعَالَى: {حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ} [البقرة: ٢٢٢] فَإِنَّ مَفْهُومَ الْغَايَةِ يَقْتَضِي حِلَّ الْقُرْبَانِ قَبْلَ الْغُسْلِ، وَمَفْهُومَ الشَّرْطِ يَقْتَضِي الْمَنْعَ قَبْلَ الْغُسْلِ. .
الثَّانِي - التَّرْجِيحُ بِحَسَبِ مَدْلُولِهِ وَهُوَ الْحُكْمُ، وَيَقَعُ عَلَى أُمُورٍ أَوَّلُهَا: أَنْ يَكُونَ أَحَدُ الْخَبَرَيْنِ مُفِيدًا لِحُكْمِ الْأَصْلِ وَالْبَرَاءَةِ وَالثَّانِي نَاقِلًا، فَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهُ يَجِبُ تَرْجِيحُ النَّاقِلِ، وَبِهِ جَزَمَ الْأُسْتَاذُ أَبُو إِسْحَاقَ، وَنَقَلَهُ الْأُسْتَاذُ أَبُو مَنْصُورٍ عَنْ أَكْثَرِ أَصْحَابِنَا، وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ الْقَطَّانِ فِي كِتَابِهِ. قَالَ: وَإِنَّمَا لَمْ نَقُلْ: إنَّهُمَا سَوَاءٌ لِأَنَّ النَّاقِلَ زَائِدٌ عَلَى الْمُقَرَّرِ، وَمِنْ أَصْلِنَا قَبُولُ الزِّيَادَةِ، كَمَا لَوْ شَهِدَا عَلَى رَجُلٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، وَشَهِدَ آخَرَانِ بِالْبَرَاءَةِ أَوْ الْقَضَاءِ، فَالْإِبْرَاءُ أَوْلَى، لِأَنَّهُمَا قَدْ شَهِدَا بِمَا شَهِدَ الْأَوَّلَانِ وَزَادَ النَّقْلُ عَلَى تِلْكَ الْحَالَةِ، وَكَمَا قُلْنَا فِي الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ: إذَا اجْتَمَعَا فَالْجَرْحُ أَوْلَى، انْتَهَى. وَقِيلَ: يَجِبُ تَرْجِيحُ الْمُقَرَّرِ، وَاخْتَارَهُ الْإِمَامُ الرَّازِيَّ وَالْبَيْضَاوِيُّ، كَحَدِيثَيْ مَسِّ الذَّكَرِ، فَإِنَّ النَّاقِضَ نَاقِلٌ عَنْ حُكْمِ الْأَصْلِ، وَالْآخَرَ مُقَرِّرٌ لَهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute