تَنْبِيهٌ قَالَ الْقَاضِي عَبْدُ الْجَبَّارِ: هَذَا الْخِلَافُ لَيْسَ مِنْ بَابِ التَّرْجِيحِ، بَلْ مِنْ بَابِ النَّسْخِ، لِأَنَّا نَعْمَلُ بِالنَّاقِلِ عَلَى أَنَّهُ نَاسِخٌ، وَلِأَنَّهُ لَوْ كَانَ مِنْ بَابِ التَّرْجِيحِ لَوَجَبَ أَنْ يَعْمَلَ بِالْخَبَرِ الْآخَرِ لَوْلَاهُ لَكِنَّا إنَّمَا نَحْكُمُ بِحُكْمِ الْأَصْلِ، لِدَلَالَةِ الْعَقْلِ، لَا لِأَجْلِ الْخَبَرِ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ مِنْ بَابِ التَّرْجِيحِ، وَلِهَذَا أَوْرَدُوهُ فِي بَابِهِ لَا فِي بَابِ النَّسْخِ، لِأَنَّا لَا نَقْطَعُ بِالنَّسْخِ، بَلْ نَقُولُ: الظَّاهِرُ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ خِلَافُهُ فَهُوَ دَاخِلٌ فِي بَابِ الْأَوْلَى، وَهُوَ تَرْجِيحٌ. .
ثَانِيهَا - أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا أَقْرَبَ إلَى الِاحْتِيَاطِ بِأَنْ يَقْتَضِيَ الْحَظْرَ، وَالْآخَرُ الْإِبَاحَةَ، فَيُقَدَّمُ مُقْتَضَى الْحَظْرِ، لِأَنَّ الْمُحَرَّمَاتِ يُحْتَاطُ لِإِثْبَاتِهَا مَا أَمْكَنَ، وَلِحَدِيثِ: «دَعْ مَا يَرِيبُك إلَى مَا لَا يَرِيبُك» قَالَ الشَّيْخُ فِي اللُّمَعِ وَابْنُ بَرْهَانٍ: هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ. وَقِيلَ: يُرَجَّحُ الْمُقْتَضِي لِلْإِبَاحَةِ، لِأَنَّهَا تَسْتَلْزِمُ (نَفْيَ الْحَرَجِ) الَّذِي هُوَ الْأَصْلُ، وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ فِي الْمُلَخَّصِ " وَأَشَارَ الْآمِدِيُّ إلَى الْقَوْلِ بِهِ بَحْثًا، وَحَكَاهُمَا الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ وَجْهَيْنِ. وَقَالَ الْقَاضِي وَالْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ: يَتَسَاوَيَانِ، فَلَا يُقَدَّمُ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ، لِأَنَّهُمَا حُكْمَانِ شَرْعِيَّانِ صَدَقَ الرَّاوِي فِيهِمَا عَلَى وَتِيرَةٍ وَاحِدَةٍ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute