وَقَالَ الْغَزَالِيُّ وَجَمَاعَةٌ مِنْ الْأُصُولِيِّينَ: يَكْفِيهِ أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ أَصْلٌ يَجْمَعُ أَحَادِيثَ الْأَحْكَامِ، كَسُنَنِ أَبِي دَاوُد، وَمَعْرِفَةِ السُّنَنِ وَالْآثَارِ لِلْبَيْهَقِيِّ أَوْ أَصْلٌ وَقَعَتْ الْعِنَايَةُ فِيهِ بِجَمْعِ أَحَادِيثِ الْأَحْكَامِ وَيَكْتَفِي فِيهِ بِمَوَاقِعِ كُلِّ بَابٍ فَيُرَاجِعُهُ وَقْتَ الْحَاجَةِ وَتَبِعَهُ عَلَى ذَلِكَ الرَّافِعِيُّ، وَنَازَعَهُ النَّوَوِيُّ وَقَالَ: لَا يَصِحُّ التَّمْثِيلُ بِسُنَنِ أَبِي دَاوُد فَإِنَّهُ لَمْ يَسْتَوْعِبْ الصَّحِيحَ مِنْ أَحَادِيثِ الْأَحْكَامِ وَلَا مُعْظَمَهَا وَكَمْ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثٍ حُكْمِيٍّ لَيْسَ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُد؟ انْتَهَى.
وَكَذَا قَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ فِي شَرْحِ الْعُنْوَانِ ": التَّمْثِيلُ بِسُنَنِ أَبِي دَاوُد لَيْسَ بِجَيِّدٍ عِنْدَنَا لِوَجْهَيْنِ: (أَحَدُهُمَا) : أَنَّهُ لَا يَحْوِي السُّنَنَ الْمُحْتَاجَ إلَيْهَا وَ (الثَّانِي) : أَنَّ فِي بَعْضِهِ مَا لَا يُحْتَجُّ بِهِ فِي الْأَحْكَامِ، انْتَهَى وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ حِفْظُ السُّنَنِ بِلَا خِلَافٍ، لِعُسْرِهِ وَلَا يَجْرِي الْخِلَافُ فِي حِفْظِ الْقُرْآنِ هَاهُنَا وَلَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَةِ الْمُتَوَاتِرِ مِنْ الْآحَادِ، لِيُمَيِّزَ بَيْنَ مَا يَقْطَعُ بِهِ مِنْهَا وَمَا لَا يَقْطَعُ.
وَثَالِثُهَا - الْإِجْمَاعُ: فَلْيَعْرِفْ مَوَاقِعَهُ حَتَّى لَا يُفْتِيَ بِخِلَافِهِ وَلَا يَلْزَمُهُ حِفْظُ جَمِيعِهِ، بَلْ كُلُّ مَسْأَلَةٍ يُفْتِي فِيهَا يَعْلَمُ أَنَّ فَتْوَاهُ لَيْسَتْ مُخَالِفَةً لِلْإِجْمَاعِ، وَإِنَّمَا يُوَافِقُهُ مَذْهَبُ عَالِمٍ، أَوْ تَكُونُ الْحَادِثَةُ مُوَلَّدَةً وَلَا بُدَّ مَعَ ذَلِكَ أَنْ يَعْرِفَ الِاخْتِلَافَ ذَكَرَهُ الشَّافِعِيُّ فِي الرِّسَالَةِ " وَفَائِدَتُهُ حَتَّى لَا يُحْدِثَ قَوْلًا يُخَالِفُ أَقْوَالَهُمْ فَيَخْرُجَ بِذَلِكَ عَنْ الْإِجْمَاعِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute