للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَرَابِعُهَا - الْقِيَاسُ: فَلْيَعْرِفْهُ بِشُرُوطِهِ وَأَرْكَانِهِ، فَإِنَّهُ مَنَاطُ الِاجْتِهَادِ وَأَصْلُ الرَّأْيِ وَمِنْهُ يَتَشَعَّبُ الْفِقْهُ وَيَحْتَاجُ إلَيْهِ فِي بَعْضِ الْمَسَائِلِ فَمَنْ لَا يَعْرِفُ ذَلِكَ لَا يُمْكِنُهُ الِاسْتِنْبَاطُ فِي تِلْكَ الْمَوَاضِعِ نَعَمْ، إنْ جَوَّزْنَا تَجَزُّؤَ الِاجْتِهَادِ فَهَذِهِ الْحَاجَةُ لَا تَعُمُّ وَالْمَسَائِلُ الَّتِي تَرْجِعُ إلَى النَّصِّ لَا يُحْتَاجُ إلَى ذَلِكَ فِيهَا قَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ قَالَ: وَيَلْزَمُ مِنْ اشْتِرَاطِ هَذَا أَنْ لَا يَكُونَ الظَّاهِرِيَّةُ النُّفَاةُ لِلْقِيَاسِ مُجْتَهِدِينَ. وَخَامِسُهَا - كَيْفِيَّةُ النَّظَرِ: فَلْيَعْرِفْ شَرَائِطَ الْبَرَاهِينِ وَالْحُدُودِ وَكَيْفِيَّةَ تَرْكِيبِ الْمُقَدَّمَاتِ وَيَسْتَفْتِحُ الْمَطْلُوبَ لِيَكُونَ عَلَى بَصِيرَةٍ كَذَا ذَكَرَهُ الْمُتَأَخِّرُونَ وَأَصْلُهُ اشْتِرَاطُ الْغَزَالِيُّ مَعْرِفَتَهُ بِعِلْمِ الْمَنْطِقِ، قَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ: وَلَا شَكَّ أَنَّ فِي اشْتِرَاطِ ذَلِكَ عَلَى حَسَبِ مَا يَقَعُ اصْطِلَاحُ أَرْبَابِ هَذَا الْفَنِّ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ، لِعِلْمِنَا بِأَنَّ الْأَوَّلِينَ مِنْ الْمُجْتَهِدِينَ لَمْ يَكُونُوا خَائِضِينَ فِيهِ وَلَا شَكَّ أَيْضًا أَنَّ كُلَّ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ تَصْحِيحُ الدَّلِيلِ وَمَعْرِفَةُ الْحَقَائِقِ لَا بُدَّ مِنْ اعْتِبَارِهِ.

وَسَادِسُهَا - أَنْ يَكُونَ عَارِفًا بِلِسَانِ الْعَرَبِ وَمَوْضُوعِ خِطَابِهِمْ: لُغَةً وَنَحْوًا وَتَصْرِيفًا، فَلْيَعْرِفْ الْقَدْرَ الَّذِي يَفْهَمُ بِهِ خِطَابَهُمْ وَعَادَتَهُمْ فِي الِاسْتِعْمَالِ إلَى حَدٍّ يُمَيِّزُ بِهِ بَيْنَ صَرِيحِ الْكَلَامِ وَظَاهِرِهِ، وَمُجْمَلِهِ وَمُبَيَّنِهِ، وَعَامِّهِ وَخَاصِّهِ، وَحَقِيقَتِهِ وَمَجَازِهِ قَالَ الْأُسْتَاذُ أَبُو إِسْحَاقَ: وَيَكْفِيهِ مِنْ اللُّغَةِ أَنْ يَعْرِفَ غَالِبَ الْمُسْتَعْمَلِ، وَلَا يُشْتَرَطُ التَّبَحُّرُ، وَمِنْ النَّحْوِ الَّذِي يَصِحُّ بِهِ التَّمْيِيزُ فِي ظَاهِرِ الْكَلَامِ، كَالْفَاعِلِ وَالْمَفْعُولِ وَالْخَافِضِ وَالرَّافِعِ وَمَا تَتَّفِقُ

<<  <  ج: ص:  >  >>