للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَيْهِ الْمَعَانِي فِي الْجَمْعِ وَالْعَطْفِ وَالْخِطَابِ وَالْكِنَايَاتِ وَالْوَصْلِ وَالْفَصْلِ وَلَا يَلْزَمُ الْإِشْرَافُ عَلَى دَقَائِقِهِ وَقَالَ ابْنُ حَزْمٍ فِي كِتَابِ التَّقْرِيبِ ": يَكْفِيهِ مَعْرِفَةُ مَا فِي كِتَابِ الْجُمَلِ " لِأَبِي الْقَاسِمِ الزَّجَّاجِيِّ، وَيَفْصِلُ بَيْنَ مَا يَخْتَصُّ مِنْهَا بِالْأَسْمَاءِ وَالْأَفْعَالِ لِاخْتِلَافِ الْمَعَانِي بِاخْتِلَافِ الْعَوَامِلِ الدَّاخِلَةِ عَلَيْهَا قَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ: وَاشْتِرَاطُ الْأَصْلِ فِيهِ مُتَعَيَّنٌ، لِأَنَّ الشَّرِيعَةَ عَرَبِيَّةٌ مُتَوَقِّفَةٌ عَلَى مَعْرِفَةِ اللُّغَةِ نَعَمْ، لَا يُشْتَرَطُ التَّوَسُّعُ الَّذِي أُحْدِثَ فِي هَذَا الْعِلْمِ، وَإِنَّمَا الْمُعْتَبَرُ مَعْرِفَةُ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ فَهْمُ الْكَلَامِ.

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَمَعْرِفَةُ لِسَانِهِ فَرْضٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ مِنْ مُجْتَهِدٍ وَغَيْرِهِ، وَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ أَنْ يَتَعَلَّمَ مِنْ لِسَانِ الْعَرَبِ مَا يَبْلُغُهُ جَهْدُهُ فِي أَدَاءِ فَرْضِهِ وَقَالَ فِي الْقَوَاطِعِ ": مَعْرِفَةُ لِسَانِ الْعَرَبِ فَرْضٌ عَلَى الْعُمُومِ فِي جَمِيعِ الْمُكَلَّفِينَ، إلَّا أَنَّهُ فِي حَقِّ الْمُجْتَهِدِ عَلَى الْعُمُومِ فِي إشْرَافِهِ عَلَى الْعِلْمِ بِأَلْفَاظِهِ وَمَعَانِيهِ أَمَّا فِي حَقِّ غَيْرِهِ مِنْ الْأُمَّةِ فَفَرْضٌ فِيمَا وَرَدَ التَّعَبُّدُ بِهِ فِي الصَّلَاةِ مِنْ الْقِرَاءَةِ وَالْأَذْكَارِ، لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ فَإِنْ قِيلَ: إحَاطَةُ الْمُجْتَهِدِ بِلِسَانِ الْعَرَبِ تَتَعَذَّرُ، لِأَنَّ أَحَدًا مِنْ الْعَرَبِ لَا يُحِيطُ بِجَمِيعِ لُغَاتِهِمْ، فَكَيْفَ نُحِيطُ نَحْنُ؟ قُلْنَا: لِسَانُ الْعَرَبِ وَإِنْ لَمْ يُحِطْ بِهِ وَاحِدٌ مِنْ الْعَرَبِ فَإِنَّهُ يُحِيطُ بِهِ جَمِيعُ الْعَرَبِ، كَمَا قِيلَ لِبَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ: مَنْ يَعْرِفُ كُلَّ الْعِلْمِ؟ قَالَ: كُلُّ النَّاسِ وَاَلَّذِي يَلْزَمُ الْمُجْتَهِدَ أَنْ يَكُونَ مُحِيطًا بِأَكْثَرِهِ وَيَرْجِعُ فِيمَا عَزَبَ عَنْهُ إلَى غَيْرِهِ، كَالْقَوْلِ فِي السُّنَّةِ وَقَدْ زَلَّ كَثِيرٌ بِإِغْفَالِهِمْ الْعَرَبِيَّةَ، كَرِوَايَةِ الْإِمَامِيَّةِ: «مَا تَرَكْنَاهُ صَدَقَةً» بِالنَّصْبِ، وَالْقَدَرِيَّةُ: «فَحَجَّ آدَمَ مُوسَى» بِنَصَبِ آدَمَ، وَنَظَائِرُهُ وَيَلْحَقُ بِالْعَرَبِيَّةِ التَّصْرِيفُ، لِمَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ مِنْ مَعْرِفَةِ أَبْنِيَةِ الْكَلِمِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا، كَمَا فِي بَابِ الْمُجْمَلِ مِنْ لَفْظِ (مُخْتَارٍ) وَنَحْوِهِ فَاعِلًا وَمَفْعُولًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>