للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَسَابِعُهَا - مَعْرِفَةُ النَّاسِخِ وَالْمَنْسُوخِ: مُخَالَفَةَ أَنْ يَقَعَ فِي الْحُكْمِ بِالْمَنْسُوخِ الْمَتْرُوكُ وَلِهَذَا قَالَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، لِقَاضٍ: أَتَعْرِفُ النَّاسِخَ وَالْمَنْسُوخَ؟ قَالَ: لَا، قَالَ: هَلَكْت وَأَهْلَكْت وَكَذَلِكَ مَعْرِفَةُ وُجُوهِ النَّصِّ فِي الْعُمُومِ وَالْخُصُوصِ، وَالْمُفَسَّرِ وَالْمُجْمَلِ، وَالْمُبَيَّنِ، وَالْمُقَيَّدِ وَالْمُطْلَقِ فَإِنْ قَصَّرَ فِيهَا لَمْ يَجُزْ وَثَامِنُهَا - مَعْرِفَةُ حَالِ الرُّوَاةِ فِي الْقُوَّةِ وَالضَّعْفِ: وَتَمْيِيزُ الصَّحِيحِ عَنْ الْفَاسِدِ، وَالْمَقْبُولِ عَنْ الْمَرْدُودِ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ وَالْغَزَالِيُّ: وَيَقُولُ عَلَى قَوْلِ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ، كَأَحْمَدَ وَالْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ وَالدَّارَقُطْنِيِّ وَأَبِي دَاوُد، لِأَنَّهُمْ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ بِذَلِكَ، فَجَازَ الْأَخْذُ بِقَوْلِهِمْ، كَمَا نَأْخُذُ بِقَوْلِ الْمُقَوِّمِينَ فِي الْقِيَمِ، قَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ: وَهَذَا مُضْطَرٌّ إلَيْهِ فِي الْأَحْكَامِ الْمَبْنِيَّةِ عَلَى الْأَحَادِيثِ الَّتِي هِيَ فِي بَابِ الْآحَادِ، فَإِنَّهُ الطَّرِيقُ الْمُوَصِّلُ إلَى مَعْرِفَةِ الصَّحِيحِ مِنْ السَّقِيمِ قَالَ الصَّيْرَفِيُّ: وَمَنْ عَرَفَ هَذِهِ الْعُلُومَ فَهُوَ فِي الرُّتْبَةِ الْعُلْيَا، وَمَنْ قَصَّرَ عَنْهُ فَمِقْدَارُهُ مَا أَحْسَنَ، وَلَنْ يَجُوزُ أَنْ يُحِيطَ بِجَمِيعِ هَذِهِ الْعُلُومِ أَحَدٌ غَيْرُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَهُوَ مُتَفَرِّقٌ فِي جُمْلَتِهِمْ وَالْغَرَضُ اللَّازِمُ مِنْ عِلْمِ مَا وَصَفْت مَا لَا يَقْدِرُ الْعَبْدُ بِتَرْكِ فِعْلِهِ وَكُلَّمَا ازْدَادَ عِلْمًا ازْدَادَ مَنْزِلَةً قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ} [يوسف: ٧٦] ، قَالَ: وَالشَّرْطُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ مَعْرِفَةُ جُمَلِهِ لَا جَمِيعِهِ حَتَّى لَا يَبْقَى عَلَيْهِ شَيْءٌ، لِأَنَّ هَذَا لَمْ نَرَهُ فِي السَّادَةِ الْقُدْوَةِ مِنْ الصَّحَابَةِ، فَقَدْ كَانَ يَخْفَى عَلَى كَثِيرٍ، مِنْ أَدِلَّةِ الْأَحْكَامِ فَيَعْرِفُونَهَا مِنْ الْغَيْرِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>