للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وُجُودِهِ لِذَاتِهِ، وَالتَّصْدِيقُ بِالرَّسُولِ وَمَا جَاءَ بِهِ، لِيَكُونَ فِيمَا يُسْنِدُهُ إلَيْهِ مِنْ الْأَحْكَامِ مُحِقًّا وَلَا يُشْتَرَطُ عِلْمُهُ بِدَقَائِق الْكَلَامِ وَلَا بِالْأَدِلَّةِ التَّفْصِيلِيَّةِ وَأَجْوِبَتِهَا كَالنَّحَارِيرِ مِنْ عُلَمَائِهِ.

وَكَلَامُ الرَّازِيَّ مَحْمُولٌ عَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ وَاخْتَلَفُوا فِي اشْتِرَاطِ التَّفَارِيعِ فِي الْفِقْهِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ وَإِلَّا لَزِمَ الدَّوْرُ وَكَيْفَ يَحْتَاجُ إلَيْهَا وَهُوَ الَّذِي يُوَلِّدُهَا بَعْدَ حِيَازَةِ مَنْصِبِ الِاجْتِهَادِ؟ ، فَكَيْفَ يَكُونُ شَرْطًا لِمَا تَقَدَّمَ وُجُودُهُ عَلَيْهَا وَذَهَبَ الْأُسْتَاذُ أَبُو إِسْحَاقَ وَأَبُو مَنْصُورٍ إلَى اشْتِرَاطِهِ وَحَمَلَ عَلَى اشْتِرَاطِ مُمَارَسَتِهِ الْفِقْهَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْغَزَالِيُّ فَقَالَ: إنَّمَا يَحْصُلُ الِاجْتِهَادُ فِي زَمَانِنَا بِمُمَارَسَتِهِ فَهُوَ طَرِيقُ تَحْصِيلِ الدُّرْبَةِ فِي هَذَا الزَّمَانِ، وَلَمْ يَكُنْ الطَّرِيقُ فِي زَمَنِ الصَّحَابَةِ وَكَلَامُ الْأُسْتَاذِ أَبِي إِسْحَاقَ يُخَالِفُهُ، فَإِنَّهُ قَالَ: يُشْتَرَطُ مَعْرِفَتُهُ بِجُمَلٍ مِنْ فُرُوعِ الْفِقْهِ يُحِيطُ بِالْمَشْهُورِ وَبِبَعْضِ الْغَامِضِ كَفُرُوعِ الْحَيْضِ وَالرَّضَاعِ وَالدَّوْرِ وَالْوَصَايَا وَالْعَيْنِ وَالدَّيْنِ قَالَ: وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي الْمُتَعَلِّقِ بِالْحِسَابِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ شَرْطٌ، لِأَنَّ مِنْهَا مَا لَا يُمْكِنُ اسْتِخْرَاجُ الْجَوَابِ مِنْهُ إلَّا بِالْحِسَابِ وَكَذَلِكَ قَالَ الْأُسْتَاذُ أَبُو إِسْحَاقَ: مَعْرِفَةُ أُصُولِ الْفَرَائِضِ وَالْحِسَابِ وَالضَّرْبِ وَالْقِسْمَةِ لَا بُدَّ مِنْهُ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مُحِيطًا بِأَدِلَّةِ الشَّرْعِ فِي غَالِبِ الْأَمْرِ، مُتَمَكِّنًا مِنْ اقْتِبَاسِ الْأَحْكَامِ مِنْهَا، عَارِفًا بِحَقَائِقِهَا وَرُتَبِهَا، عَالِمًا بِتَقْدِيمِ مَا يَتَقَدَّمُ مِنْهَا وَتَأْخِيرِ مَا يَتَأَخَّرُ وَقَدْ عَبَّرَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَنْ الشُّرُوطِ كُلِّهَا بِعِبَارَةٍ وَجِيزَةٍ جَامِعَةٍ فَقَالَ: " مَنْ عَرَفَ كِتَابَ اللَّهِ نَصًّا وَاسْتِنْبَاطًا اسْتَحَقَّ الْإِمَامَةَ فِي الدِّينِ " وَلَيْسَ مِنْ شَرْطِ الْمُجْتَهِدِ أَنْ يَكُونَ عَالِمًا بِكُلِّ مَسْأَلَةٍ تَرِدُ عَلَيْهِ، فَقَدْ سُئِلَ مَالِكٌ عَنْ أَرْبَعِينَ مَسْأَلَةً فَقَالَ فِي سِتٍّ وَثَلَاثِينَ: لَا أَدْرِي وَكَثِيرًا مَا يَقُولُ الشَّافِعِيُّ: لَا أَدْرِي وَتَوَقَّفَ كَثِيرٌ مِنْ الصَّحَابَةِ فِي مَسَائِلَ وَقَالَ

<<  <  ج: ص:  >  >>