للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَعْضُهُمْ: مَنْ أَفْتَى فِي كُلِّ مَا سُئِلَ عَنْهُ فَهُوَ مَجْنُونٌ وَهَذَا كُلُّهُ فِي الْمُجْتَهِدِ الْمُطْلَقِ.

أَمَّا الْمُجْتَهِدُ فِي حُكْمٍ خَاصٍّ فَإِنَّمَا يَحْتَاجُ إلَى قُوَّةِ قَامَةٍ فِي النَّوْعِ الَّذِي هُوَ فِيهِ مُجْتَهِدٌ، فَمَنْ عَرَفَ طُرُقَ النَّظَرِ الْقِيَاسِيِّ، لَهُ أَنْ يَجْتَهِدَ فِي مَسْأَلَةٍ قِيَاسِيَّةٍ وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ غَيْرَهُ وَكَذَا الْعَالِمُ بِالْحِسَابِ وَالْفَرَائِضِ هَذَا بِنَاءً عَلَى جَوَازِ تَجَزُّؤِ الِاجْتِهَادِ وَهُوَ الصَّحِيحُ كَمَا سَيَأْتِي.

وَأَمَّا الْمُجْتَهِدُ الْمُقَيَّدُ الَّذِي لَا يَعْدُو مَذْهَبَ إمَامٍ خَاصٍّ فَلَيْسَ عَلَيْهِ غَيْرُ مَعْرِفَةِ قَوَاعِدِ إمَامِهِ وَلْيُرَاعِ فِيهَا مَا يُرَاعِيهِ الْمُطْلَقُ فِي قَوَانِينِ الشَّرْعِ قَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ: مَنْ عَرَفَ مَأْخَذَ إمَامٍ وَاسْتَقَلَّ بِإِجْرَاءِ الْمَسَائِلِ عَلَى قَوَاعِدِهِ يَنْقَسِمُ إلَى قِسْمَيْنِ: - أَحَدُهُمَا: أَنْ تَكُونَ تِلْكَ الْقَوَاعِدُ مِمَّا يَخْتَصُّ بِهَا ذَلِكَ الْإِمَامُ وَبَعْضُ الْمُجْتَهِدِينَ مَعَهُ فَهَذَا يُمْكِنُ فِيهِ الِاجْتِهَادُ الْمُقَيَّدُ - وَأَمَّا الْقَوَاعِدُ الْعَامَّةُ الَّتِي لَا تَخْتَصُّ بِبَعْضِ الْمُجْتَهِدِينَ، كَكَوْنِ خَبَرِ الْوَاحِدِ حُجَّةً، وَالْقِيَاسِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْقَوَاعِدِ فَهُوَ مُحْتَاجٌ إلَى مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ الْمُجْتَهِدُ الْمُطْلَقُ فَتَنَبَّهْ لِهَذَا وَقَدْ اسْتَقَلَّ قَوْمٌ مِنْ الْمُقَلِّدِينَ بِبِنَاءِ أَحْكَامٍ عَلَى أَحَادِيثَ غَيْرِ صَحِيحَةٍ، مَعَ أَنَّ تِلْكَ الْأَحْكَامَ غَيْرُ مَنْصُوصَةٍ لِإِمَامِهِمْ، وَهُمْ يَحْتَاجُونَ فِي هَذَا إلَى مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ الْمُجْتَهِدُ الْمُطْلَقُ، فَإِذَا قَصَّرُوا عَنْهُ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ ذَلِكَ، وَلَمْ يَجُزْ أَنْ تُنْسَبَ تِلْكَ الْأَحْكَامُ إلَى ذَلِكَ الْإِمَامِ، انْتَهَى وَهَذَا مَوْضِعٌ نَفِيسٌ يَنْبَغِي التَّفَطُّنُ لَهُ، وَبِهِ يَزُولُ الْإِشْكَالُ فِي التَّعَرُّضِ لِمَسْأَلَةٍ غَيْرِ مَنْصُوصَةٍ لِلْإِمَامِ ذَكَرَهَا بَعْضُ أَتْبَاعِهِ مُحْتَجًّا فِيهَا بِقَاعِدَةٍ عَامَّةٍ، فَيَظُنُّ الْوَاقِفُ أَنَّ ذَلِكَ مَذْهَبُ ذَلِكَ الْإِمَامِ لِكَوْنِ ذَلِكَ الْمُسْتَنْبَطِ مِنْ جُمْلَةِ مُقَلِّدِيهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

<<  <  ج: ص:  >  >>