للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَسْأَلَةٌ لَا يُمْكِنُ وُقُوعُ الِاجْتِهَادِ فِي كُلِّ مَسْأَلَةٍ فِقْهِيَّةٍ، بَلْ فِيمَا هُوَ مِنْهَا خَفِيٌّ، إذْ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَتَحَقَّقُ بَذْلُ الْوُسْعِ، فَيَطْلُبَهَا لِأَنَّهَا تُنَالُ بِأَدْنَى تَأَمُّلٍ.

مَسْأَلَةٌ لَمَّا لَمْ يَكُنْ بُدٌّ مِنْ تَعَرُّفِ حُكْمِ اللَّهِ فِي الْوَقَائِعِ، وَتَعَرُّفُ ذَلِكَ بِالنَّظَرِ غَيْرُ وَاجِبٍ عَلَى التَّعْيِينِ، فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ وُجُودُ الْمُجْتَهِدِ مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَاتِ، وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ فِي كُلِّ قُطْرٍ مَا تَقُومُ بِهِ الْكِفَايَاتُ وَلِهَذَا قَالُوا: إنَّ الِاجْتِهَادَ مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَاتِ قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: وَاَلَّذِي رَأَيْت فِي كَلَامِ الْأَئِمَّةِ يُشْعِرُ بِأَنَّهُ لَا يَتَأَتَّى فَرْضُ الْكِفَايَةِ بِالْمُجْتَهِدِ الْمُقَيَّدِ، قَالَ: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَتَأَتَّى فِي الْفَتْوَى وَإِنْ لَمْ يَتَأَدَّ بِهِ فِي آحَادِ الْعُلُومِ الَّتِي مِنْهَا الِاسْتِمْدَادُ فِي الْفَتْوَى، قَالَ بَعْضُهُمْ: الِاجْتِهَادُ فِي حَقِّ الْعُلَمَاءِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَضْرُبٍ (١) فَرْضُ عَيْنٍ، (٢) وَفَرْضُ كِفَايَةٍ (٣) وَنَدْبٌ: - فَالْأَوَّلُ: عَلَى حَالَيْنِ: (أَحَدُهُمَا) اجْتِهَادُهُ فِي حَقِّ نَفْسِهِ عِنْدَ نُزُولِ الْحَادِثَةِ وَ (الثَّانِي) اجْتِهَادُهُ فِيمَا تَعَيَّنَ عَلَيْهِ الْحُكْمُ فِيهِ فَإِنْ ضَاقَ فَرْضُ الْحَادِثَةِ كَانَ عَلَى الْفَوْرِ وَإِلَّا عَلَى التَّرَاخِي - وَالثَّانِي: عَلَى حَالَيْنِ: (أَحَدُهُمَا) إذَا نَزَلَتْ بِالْمُسْتَفْتِي حَادِثَةٌ فَاسْتَفْتَى أَحَدَ الْعُلَمَاءِ تَوَجَّهَ الْفَرْضُ عَلَى جَمِيعِهِمْ، وَأَخَصُّهُمْ بِمَعْرِفَتِهَا مَنْ خُصَّ بِالسُّؤَالِ عَنْهَا، فَإِنْ أَجَابَ هُوَ أَوْ غَيْرُهُ سَقَطَ الْفَرْضُ، وَإِلَّا أَثِمُوا جَمِيعًا لَكِنْ حَكَى أَصْحَابُنَا وَجْهَيْنِ فِيمَا إذَا كَانَ هُنَاكَ غَيْرُ الْمُفْتِي، هَلْ يَأْثَمُ بِالرَّدِّ؟ أَصَحُّهُمَا: لَا وَالثَّانِي: إنْ تَرَدَّدَ الْحُكْمُ بَيْنَ قَاضِيَيْنِ مُشْتَرَكَيْنِ فِي النَّظَرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>