للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْجَمِيعُ وَاحِدٌ إلَّا مَا عِنْدَ الْمُجْتَهِدِ أَنَّهُ الْأَوْلَى أَنْ يَحْكُمَ بِهِ، وَحَكَاهُ الْقَاضِي فِي " التَّقْرِيبِ " عَنْ الْجُمْهُورِ، وَحَكَاهُ عَنْ الْأَشْعَرِيِّ. وَقَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ: الْقَائِلُونَ بِأَنَّ الْحَقَّ فِي كُلِّ مَا أَدَّى إلَيْهِ الِاجْتِهَادُ اخْتَلَفُوا: هَلْ نَصَّبَ اللَّهُ تَعَالَى أَدِلَّةً مُخْتَلِفَةً يُؤَدِّي اجْتِهَادُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ إلَى دَلِيلٍ مَنْصُوبٍ أَمْ لَا؟ عَلَى قَوْلَيْنِ: (أَحَدُهُمَا) نَعَمْ، كَالتَّخْيِيرِ فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ أَيُّهَا فَعَلَ أَجْزَأَهُ، فَكَذَا أَيْ الْأَدِلَّةُ صَارَ إلَيْهِ وَأَخَذَ بِهِ كَانَ حَقًّا. وَ (الثَّانِي) أَنَّهُ لَمْ يُنَصِّبْ عَلَيْهَا دَلَالَةً، وَإِنَّمَا الْأَمْرُ فِيهَا عَلَى غَالِبِ الظَّنِّ، لِأَنَّهُ الْمُتَعَبَّدُ بِهِ. .

تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ: أَنَّ الصَّفِيَّ الْهِنْدِيَّ قَدْ حَرَّرَ الْمَذَاهِبَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ تَحْرِيرًا جَيِّدًا فَقَالَ: الْوَاقِعَةُ الَّتِي وَقَعَتْ إمَّا أَنْ يَكُونَ عَلَيْهَا نَصٌّ أَمْ لَا، فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ فَإِمَّا أَنْ يَجْتَهِدَ الْمُجْتَهِدُ أَمْ لَا. وَالثَّانِي عَلَى قِسْمَيْنِ: لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ يُقَصِّرَ فِي طَلَبِهِ أَوْ لَا يُقَصِّرَ. وَإِنْ وَجَدَهُ فَحَكَمَ بِمُقْتَضَاهُ فَلَا كَلَامَ، وَإِنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمُقْتَضَاهُ فَإِنْ كَانَ مَعَ الْعِلْمِ بِوَجْهِ دَلَالَتِهِ عَلَى الْمَطْلُوبِ فَهُوَ مُخْطِئٌ وَآثِمٌ وِفَاقًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَ الْعِلْمِ وَلَكِنْ قُدِّرَ فِي الْبَحْثِ عَنْهُ فَكَذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يُقَصِّرْ بَلْ بَالَغَ فِي الِاسْتِكْشَافِ وَالْبَحْثِ وَلَمْ يَعْثُرْ عَلَى وَجْهِ دَلَالَتِهِ عَلَى الْمَطْلُوبِ فَحُكْمُهُ حُكْمُ مَا إذَا لَمْ يَجِدْهُ مَعَ الطَّلَبِ الشَّدِيدِ، وَسَيَأْتِي. وَإِنْ لَمْ نَجِدْهُ فَإِنْ كَانَ لِتَقْصِيرٍ فِي الطَّلَبِ فَهُوَ مُخْطِئٌ، وَآثِمٌ، وَإِنْ لَمْ يُقَصِّرْ بِأَنْ بَالَغَ فِي التَّنْقِيبِ عَنْهُ وَأَفْرَغَ الْوُسْعَ فِي طَلَبِهِ وَمَعَ ذَلِكَ لَمْ يَجِدْهُ.

فَإِنْ خَفِيَ عَلَيْهِ الرَّاوِي الَّذِي عِنْدَهُ النَّصُّ، أَوْ عَرَفَهُ وَلَكِنْ مَاتَ قَبْلَ وُصُولِهِ إلَيْهِ فَهُوَ غَيْرُ آثِمٍ قَطْعًا، وَهَلْ هُوَ مُخْطِئٌ أَمْ مُصِيبٌ؟ عَلَى الْخِلَافِ الْآتِي فِيمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>