وَيُحْتَجُّ لِلْمُخَطِّئَةِ بِحَدِيثِ «إذَا اجْتَهَدَ الْحَاكِمُ فَأَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ، وَإِنْ أَخْطَأَ فَأَجْرٌ» وَبِحَدِيثِ «الْقُضَاةُ ثَلَاثَةٌ» لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ هَكَذَا لَمْ يَكُنْ لِلتَّقْسِيمِ مَعْنًى، وَبِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لِأَمِيرِ السَّرِيَّةِ: «وَإِنْ طَلَبَ مِنْك أَهْلُ حِصْنٍ النُّزُولَ عَلَى حُكْمِ اللَّهِ فَلَا تُنْزِلْهُمْ عَلَى حُكْمِ اللَّهِ، فَإِنَّك لَا تَدْرِي. أَتُصِيبُ حُكْمَ اللَّهِ فِيهِمْ أَمْ لَا» . .
الرَّابِعُ: قَدْ سَأَلَ الْمِصِّيصِيُّ الْغَزَالِيَّ عَنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَقَالَ: الصَّحِيحُ عِنْدِي أَنَّ الْوَقَائِعَ الشَّرْعِيَّةَ خَمْسَةُ أَقْسَامٍ: الْأَوَّلُ - مَا فِيهِ نَصٌّ صَرِيحٌ، كَأَكْلِ الضَّبِّ عَلَى مَائِدَةِ الرَّسُولِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، فَالْمُصِيبُ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَاحِدٌ، إذْ النَّصُّ وَاحِدٌ، وَقَدْ وَضَعَ الشَّرْعُ إبَاحَةَ الضَّبِّ، وَعَلَى الْمُجْتَهِدِينَ تَعَرُّفُ مَا وَضَعَهُ الشَّرْعُ، فَمَنْ عَرَفَ فَقَدْ أَصَابَ، وَمَنْ أَخْطَأَ النَّصَّ وَلَمْ يَعْثُرْ عَلَيْهِ فَقَدْ أَخْطَأَ، أَيْ أَخْطَأَ النَّصَّ الَّذِي كَانَ مَأْمُورًا بِطَلَبِهِ، وَلَوْ وَجَدَهُ لَلَزِمَهُ الرُّجُوعُ إلَيْهِ، وَيَكُونُ النَّصُّ كَالْقِبْلَةِ فِي حَقِّهِ، وَالْمُصِيبُ فِيهَا وَاحِدٌ، وَلَهُ أَجْرَانِ، وَلِلْمُخْطِئِ أَجْرٌ. الثَّانِي - مَا لَا نَصَّ فِيهِ، وَلَكِنْ يَدُلُّ النَّصُّ عَلَيْهِ، كَسِرَايَةِ عِتْقِ الْأَمَةِ، إذْ لَا نَصَّ فِيهَا وَلَكِنْ يَدُلُّ النَّصُّ عَلَيْهِ. وَكَذَلِكَ مَا شَهِدَ لَهُ النَّصُّ شَهَادَةً
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute