للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي الْأَوَّلِ تَعَيَّنَ الْوَجْهُ الْأَوَّلُ. وَاسْتَدَلَّ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ بِأَنَّهُ لَوْ كَانَ الْقَصْدُ لَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ عُشْرَ أَجْرِ الْمُصِيبِ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «مَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ وَلَمْ يَعْمَلْهَا كُتِبَتْ لَهُ حَسَنَةٌ، فَإِنْ عَمِلَهَا كُتِبَتْ لَهُ عَشْرُ حَسَنَاتٍ» . قُلْت: وَقَدْ جَاءَ ذَلِكَ مُصَرَّحًا بِهِ فِي مُسْنَدِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. وَقَدْ سَبَقَ بَيَانُ حَالِهِ فِي مَسْأَلَةِ الِاجْتِهَادِ فِي زَمَانِهِ. قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي " الرِّسَالَةِ " فِي الرَّجُلِ يَطَأُ أَمَتَهُ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهَا أُخْتُهُ: أَمَّا فِي الْغَيْبِ فَلَمْ تَزَلْ أُخْتَهُ أَوَّلًا وَآخِرًا. وَأَمَّا فِي الظَّاهِرِ فَكَانَتْ لَهُ حَلَالًا مَا لَمْ يَعْلَمْ، وَعَلَيْهِ حَرَامٌ حِينَ عَلِمَ. وَقِيلَ لَهُ: إنَّ غَيْرَك يَقُولُ: إنَّهُ لَمْ يَزَلْ آثِمًا بِإِصَابَتِهَا وَلَكِنَّ الْإِثْمَ مَرْفُوعٌ عَنْهُ.

مَسْأَلَةٌ نُقِلَ عَنْ دَاوُد وَأَصْحَابِ الظَّاهِرِ أَنَّ كُلَّ مَنْ أَفْتَى فِي حَادِثَةٍ بِحُكْمٍ يُرِيدُ بِهِ التَّقَرُّبَ إلَى اللَّهِ فَهُوَ مُصِيبٌ سَوَاءٌ كَانَ مُجْتَهِدًا أَوْ لَمْ يَكُنْ وَهَذَا يَزِيدُ عَلَى الْعَنْبَرِيِّ، لِأَنَّ ذَاكَ صَوَّبَ كُلَّ مُجْتَهِدٍ فِي الْأَصْلِ، وَهَذَا صَوَّبَ فِي كُلِّ شَيْءٍ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُجْتَهِدًا بَعْدَمَا بَذَلَ وُسْعَهُ. تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ: مَنْ صَوَّبَ الْمُجْتَهِدِينَ شَرَطَ فِي ذَلِكَ أَنْ لَا يَكُونَ مَذْهَبُ الْخَصْمِ مُسْتَنِدًا إلَى دَلِيلٍ يَنْقُضُ الْحُكْمَ الْمُسْتَنِدَ إلَيْهِ، قَالَهُ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ فِي قَوَاعِدِهِ ". قَالَ: وَلِهَذَا لَمْ يَكُنْ شُرْبُ الْحَنَفِيِّ لِلنَّبِيذِ مُبَاحًا وَإِنْ قُلْنَا

<<  <  ج: ص:  >  >>