وَاحِدٌ مَنْ صَارَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ إلَى الْوَقْفِ حَتَّى يَرْفَعَ الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي. فَعَلَى هَذَا يَكُونُ حُكْمُ اللَّهِ فِيهَا هُوَ الْوَقْفُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا حَتَّى يَرْفَعَ أَمْرَهَا إلَى الْقَاضِي فَيَنْزِلَهَا عَلَى اعْتِقَادِ نَفْسِهِ، وَهَذَا حُكْمُ اللَّهِ حِينَئِذٍ. وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: تُسَلَّمُ الْمَرْأَةُ إلَى الزَّوْجِ الْأَوَّلِ، فَإِنْ نَكَحَهَا نِكَاحًا يَعْتَقِدُ صِحَّتَهُ وَهُوَ السَّابِقُ بِهِ فَلَا يَبْعُدُ أَنْ يَكُونَ هَذَا هُوَ الْحُكْمُ. قَالَ: وَهَذِهِ الصُّورَةُ وَأَمْثَالُهَا مِنْ الْمُجْتَهِدَاتِ، وَفِيهَا تَقَابُلُ الِاحْتِمَالَاتِ، فَيَجْتَهِدُ الْمُجْتَهِدُ فِيهَا عِنْدَنَا وَمَا أَدَّى إلَيْهِ اجْتِهَادُهُ فَهُوَ حَقٌّ مِنْ وَقْفٍ أَوْ تَقْدِيمٍ أَوْ غَيْرِهِمَا مِنْ وُجُوهِ الْجَوَابِ. .
الثَّالِثُ: وَلَا يُنْقَضُ الِاجْتِهَادُ بِالِاجْتِهَادِ. وَإِلَّا يُؤَدِّي إلَى نَقْضِ النَّقْضِ وَيَتَسَلْسَلُ فَتَضْطَرِبُ الْأَحْكَامُ وَلَا يُوثَقُ فِيهَا. فَلَوْ فَرَضْنَا أَنَّ الْمُجْتَهِدَ خَالَعَ امْرَأَتَهُ وَأَدَّاهُ اجْتِهَادُهُ إلَى أَنَّ الْخُلْعَ فَسْخٌ وَلَيْسَ بِطَلَاقٍ فَتَزَوَّجَهَا الرَّابِعَةَ بَعْدَ ذَلِكَ بِمُقْتَضَى هَذَا الِاعْتِقَادِ مِنْ غَيْرِ مُحَلِّلٍ ثُمَّ تَغَيَّرَ اجْتِهَادُهُ وَأَدَّاهُ إلَى أَنَّهُ طَلَاقٌ، فَإِنْ تَغَيَّرَ بَعْدَ قَضَاءِ الْقَاضِي بِمُقْتَضَى الِاجْتِهَادِ الْأَوَّلِ بِصِحَّةِ النِّكَاحِ لَمْ يَنْقَضِ بِالِاجْتِهَادِ الثَّانِي بَلْ يَبْقَى عَلَى النِّكَاحِ، وَإِنْ تَغَيَّرَ قَبْلَ الْقَضَاءِ بِالصِّحَّةِ وَجَبَ عَلَيْهِ مُفَارَقَتُهَا. لِأَنَّ الْمُصَاحِبَ الْآنَ قَاضٍ بَانَ اجْتِهَادُهُ الْأَوَّلُ خَطَأً، فَيُعْمَلُ بِهِ، وَلَيْسَ هَذَا نَقْضَ الِاجْتِهَادِ بِالِاجْتِهَادِ، بَلْ تَرْكَ الْعَمَلِ بِالِاجْتِهَادِ الْأَوَّلِ. هَكَذَا ذَكَرَهُ فِي الْمُسْتَصْفَى " وَالْمَحْصُولِ " وَالْمِنْهَاجِ ". وَقَوْلُهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute