للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ: «لَا يُقَلِّدَنَّ أَحَدُكُمْ دِينَهُ، رَجُلًا، فَإِنْ آمَنَ آمَنَ وَإِنْ كَفَرَ كَفَرَ فَإِنَّهُ لَا أُسْوَةَ فِي الشَّرِّ» . وَأَمَّا وُجُوبُهُ عَلَى الْعَامَّةِ، فَلِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} [النحل: ٤٣] وَقَوْلُهُ: {فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ} [التوبة: ١٢٢] فَأَمَرَ بِقَبُولِ قَوْلِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِيمَا كَانَ مِنْ أَمْرِ دِينِهِمْ، وَلَوْلَا أَنَّهُ يَجِبُ الرُّجُوعُ إلَيْهِمْ لَمَا كَانَ لِلنِّذَارَةِ مَعْنًى، وَلِقَضِيَّةِ الَّذِي شُجَّ، فَأَمَرُوهُ أَنْ يَغْتَسِلَ، وَقَالُوا: لَسْنَا نَجِدُ لَك رُخْصَةً فَاغْتَسَلَ وَمَاتَ فَقَالَ النَّبِيُّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «قَتَلُوهُ قَتَلَهُمْ اللَّهُ، إنَّمَا كَانَ شِفَاءُ الْعِيِّ السُّؤَالَ» فَبَانَ بِذَلِكَ جَوَازُ التَّقْلِيدِ. قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ: وَلِأَنَّهُ لَا خِلَافَ أَنَّ طَلَبَ الْعِلْمِ مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَةِ الَّتِي إذَا قَامَ بِهَا الْبَعْضُ، سَقَطَ عَنْ الْبَاقِينَ، وَلَوْ مَنَعْنَا التَّقْلِيدَ، لَأَفْضَى إلَى أَنْ يَكُونَ مِنْ فُرُوضِ الْأَعْيَانِ.

وَنَقَلَ غَيْرُ وَاحِدٍ إجْمَاعَ الصَّحَابَةِ فَمَنْ بَعْدَهُمْ عَلَيْهِ، فَإِنَّهُمْ كَانُوا يُفْتُونَ الْعَوَامَّ، وَلَا يَأْمُرُونَهُمْ بِنَيْلِ دَرَجَةِ الِاجْتِهَادِ، وَلِأَنَّ الَّذِي يَذْكُرُهُ الْمُجْتَهِدُ لَهُ مِنْ الدَّلِيلِ، إنْ كَانَ بِحَيْثُ لَا يَكْفِي فِي الْحُكْمِ فَلَا عِبْرَةَ بِهِ، وَإِنْ كَانَ يَذْكُرُ لَهُ مَا يَكْفِي، فَأَسْنَدَ إلَيْهِ الْحُكْمَ

<<  <  ج: ص:  >  >>