للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَاطِنًا كَمَا وَقَعَ ظَاهِرًا فَهُوَ يَجُبُّ مَا قَبْلَهُ، وَإِلَّا فَحُكْمُهُمَا فِي الظَّاهِرِ حُكْمُ الْمُسْلِمِينَ، وَفِي الْبَاطِنِ كَافِرَانِ، لِمَا أَضْمَرَاهُ مِنْ حَيْثُ الطَّوِيَّةُ.

وَمِنْ الْإِكْرَاهِ بِالْحَقِّ أَمْرُ السَّيِّدِ عَبْدَهُ بِالْبَيْعِ، فَيَمْتَنِعُ فَلَهُ جَبْرُهُ عَلَيْهِ، وَيَصِحُّ بَيْعُهُ، لِأَنَّهُ مِنْ الِاسْتِخْدَامِ الْوَاجِبِ.

الرَّابِعُ: فِي فَتَاوَى ابْنِ الصَّلَاحِ: ذَكَرُوا فِي الْأُصُولِ أَنَّ الْمُكْرَهَ يَدْخُلُ تَحْتَ الْخِطَابِ وَالتَّكْلِيفِ، وَذَكَرُوا فِي الْفِقْهِ أَنَّ طَلَاقَهُ وَإِقْرَارَهُ وَرِدَّتَهُ لَا تَصِحُّ، فَكَيْفَ يُجْمَعُ بَيْنَهُمَا؟ وَأَجَابَ بِأَنَّهُ مُكَلَّفٌ حَالَةَ الْإِكْرَاهِ، وَمَعَ ذَلِكَ يُخَفَّفُ عَنْهُ بِأَنْ لَا يُلْزَمَ بِحُكْمِ مَا أُكْرِهَ عَلَيْهِ، وَلَمْ يَخْتَرْهُ مِنْ طَلَاقٍ وَبَيْعٍ وَغَيْرِهِمَا، لِكَوْنِهِ مَعْذُورًا.

الْخَامِسُ: قِيلَ: لِلْخِلَافِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَأْخَذَانِ.

أَحَدُهُمَا: الْخِلَافُ فِي خَلْقِ الْأَفْعَالِ فَمَنْ قَالَ: إنَّ اللَّهَ خَلَقَهَا، اتَّجَهَ الْقَوْلُ بِتَكْلِيفِ الْمُكْرَهِ لِأَنَّ جَمِيعَ الْأَفْعَالِ الْمَخْلُوقَةِ لِلَّهِ تَعَالَى عَلَى وَفْقِ إرَادَتِهِ فَيَصِيرُ التَّكْلِيفُ بِهَا مَقْدُورًا لِلْعَبْدِ. وَمَنْ قَالَ: إنَّهَا غَيْرُ مَخْلُوقَةٍ لِلَّهِ تَعَالَى لَمْ يَرَ تَكْلِيفَ الْمُكْرَهِ، لِأَنَّ الْمُعْتَزِلَةَ سَمَّوْا أَنْفُسَهُمْ أَهْلَ الْعَدْلِ، لِأَنَّهُمْ قَالُوا: أَفْعَالُ الْعِبَادِ مَخْلُوقٌ لَهُمْ لَا لَهُ سُبْحَانَهُ تَحْقِيقًا لِعَدْلِهِ: إذْ لَوْ خَلَقَهَا ثُمَّ عَابَ عَلَيْهَا كَانَ ذَلِكَ جَوْرًا.

الثَّانِي: أَنَّهُ هَلْ فِي التَّخْوِيفِ وَالْإِكْرَاهِ مَا يَتَضَمَّنُ ضَرُورِيَّةَ الْفِعْلِ أَيْ: مَا يَقْتَضِي اضْطِرَارَ الْمُكْرَهِ إلَى الْفِعْلِ لِدَاعِي الطَّبْعِ أَمْ لَا؟

[الشَّرْطُ] السَّابِعُ [عِلْمُ الْمُخَاطَبِ بِكَوْنِهِ مَأْمُورًا] أَنْ يَعْلَمَ الْمُخَاطَبُ كَوْنَهُ مَأْمُورًا قَبْلَ زَمَنِ الِامْتِثَالِ حَتَّى يُتَصَوَّرَ مِنْهُ قَصْدُ الِامْتِثَالِ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ وُجُودَ شَرْطِهِ، وَتَمَكُّنِهِ فِي الْوَقْتِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>