فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَمَنْ أَسَاءَ فِي الْإِسْلَامِ أُخِذَ بِالْأَوَّلِ وَالْآخِرِ» .
قَالَ: وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى الْمُؤَاخَذَةِ بِالنَّوَاهِي إذَا يُحْسِنُ فِي الْإِسْلَامِ، لِانْتِفَاءِ مَا يُحْبِطُهَا بِخِلَافِ مَنْ أَسْلَمَ وَأَحْسَنَ فَإِنَّ. إسْلَامَهُ يُحْبِطُ كُفْرَهُ، وَحَسَنَاتِهِ تُحْبِطُ سَيِّئَاتِهِ وَمُجَرَّدُ الْإِسْلَامِ لَا يُنَافِي الْمَعَاصِيَ لِجَوَازِ صُدُورِهَا مِنْ السَّلَمِ فَلَا يَكُونُ مُحْبِطًا لَهَا. اهـ.
وَقَالَ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ وَأَبُو الْوَلِيدِ الْبَاجِيُّ: إنَّهُ ظَاهِرُ مَذْهَبِ مَالِكٍ وَكَذَلِكَ نَقَلُوهُ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ، وَهُوَ مَحْكِيٌّ عَنْ الْكَرْخِيِّ وَالْجَصَّاصِ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ أَيْضًا. وَقَالَ أَبُو زَيْدٍ الدَّبُوسِيُّ. إنَّهُ قَوْلُ أَهْلِ الْكَلَامِ، وَمَذْهَبُ عَامَّةِ مَشَايِخِ أَهْلِ الْعِرَاقِ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ، لِأَنَّ الْكُفْرَ رَأْسُ الْمَعَاصِي فَلَا يَسْتَفِيدُ بِهِ سُقُوطُ الْخِطَابِ.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّهُمْ غَيْرُ مُكَلَّفِينَ بِالْفُرُوعِ وَهُوَ قَوْلُ جُمْهُورِ الْحَنَفِيَّةِ، وَبِهِ قَالَ عَبْدُ الْجَبَّارِ مِنْ الْمُعْتَزِلَةِ وَالشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ الْإسْفَرايِينِيّ مِنْ أَصْحَابِنَا كَمَا رَأَيْته فِي كِتَابِهِ. عِبَارَتُهُ: إنَّهُ هُوَ الصَّحِيحُ عِنْدِي، وَوَقَعَ فِي " الْمُنْتَخَبِ " نِسْبَتُهُ لِأَبِي إِسْحَاقَ الْإسْفَرايِينِيّ، وَهُوَ غَلَطٌ، فَإِنَّ أَبَا إِسْحَاقَ يَقُولُ بِتَكْلِيفِهِمْ كَمَا نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْهُ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الْجِرَاحِ وَهُوَ كَذَلِكَ مَوْجُودٌ فِي كِتَابِهِ فِي الْأُصُولِ: ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّافِعِيِّ يَدُلُّ عَلَيْهِ، قَالَ: وَالصَّحِيحُ مِنْ مَذْهَبِهِ: مَا بَدَأْنَا بِهِ. اهـ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute