للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ الْإِبْيَارِيُّ: إنَّهُ ظَاهِرُ مَذْهَبِ مَالِكٍ.

قُلْت: اخْتَارَهُ ابْنُ خُوَيْزِ مَنْدَادٍ الْمَالِكِيُّ، وَقَالَ فِي كِتَابِهِ الْمُسَمَّى " بِالْجَامِعِ " إنَّهُ الَّذِي يَأْتِي عَلَيْهِ مَسَائِلُ مَالِكٍ أَنَّهُ لَا يَنْفُذُ طَلَاقُهُمْ، وَلَا أَيْمَانُهُمْ وَلَا يَجْرِي عَلَيْهِمْ حُكْمٌ مِنْ الْأَحْكَامِ.

وَزَادَ حَتَّى قَالَ: إنَّهُمْ إنَّمَا يَقْطَعُونَ فِي السَّرِقَةِ، وَيَقْتُلُونَ فِي الْحِرَابَةِ مِنْ بَابِ الدَّفْعِ، فَهُوَ تَعْزِيرٌ لَا حَدٌّ، لِأَنَّ الْحُدُودَ كَفَّارَاتٌ لِأَهْلِهَا وَلَيْسَتْ هَذِهِ كَفَّارَاتٌ. وَزَادَ، فَقَالَ: إنَّ الْمُحَدِّثَ غَيْرُ مُخَاطَبٍ بِالصَّلَاةِ إلَّا بَعْدَ فِعْلِ الطَّهَارَةِ، وَاسْتَدَلَّ عَلَى ذَلِكَ مِنْ كَلَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِقَوْلِهِ فِي الْحَائِضِ: إنَّهَا تَنْتَظِرُ مَا بَقِيَ مِنْ الْوَقْتِ بَعْدَ غَسْلِهَا وَفَرَاغِهَا مِنْ الْأَمْرِ اللَّازِمِ.

وَقَالَ أَبُو زَيْدٍ الدَّبُوسِيُّ: لَيْسَ عَنْ أَصْحَابِنَا الْمُتَقَدِّمِينَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ نَصٌّ، وَإِنَّمَا تُؤْخَذُ مِنْ فُرُوعِهِمْ، وَقَدْ ذَكَرَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ أَنَّ مَنْ نَذَرَ الصَّوْمَ، ثُمَّ ارْتَدَّ ثُمَّ أَسْلَمَ لَمْ يَلْزَمْهُ قَضَاؤُهُ، لِأَنَّ الشِّرْكَ أَبْطَلَ كُلَّ عِبَادَةٍ، وَإِنَّمَا أَرَادَ وُجُوبُهَا، لِأَنَّهُ لَمْ يُؤَدِّهِ بَعْدُ.

قَالَ: وَلَمْ أَرَ لِهَذَا الْمَذْهَبِ حُجَّةٌ يُعْتَمَدُ عَلَيْهَا، وَقَدْ تَفَكَّرْت فِي ذَلِكَ فَلَمْ أَجِدْ إلَّا أَنَّ الْكَافِرَ لَيْسَ بِأَهْلٍ لِلْعِبَادَةِ، لِأَنَّهُ لَا يُثَابُ كَمَا لَمْ يَجْعَلْ الْعَبْدَ أَهْلًا لِمِلْكِ الْمَالِ فَلَمَّا لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ الْمِلْكِ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ الْخِطَابِ.

وَقَالَ الْعَالِمُ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ: لَمْ يُنْقَلْ عَنْ ثِقَةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا نَصٌّ فِي الْمَسْأَلَةِ، لَكِنَّ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْهُمْ خَرَجُوا عَلَى تَفْرِيعَاتِهِمْ، فَإِنَّ مُحَمَّدًا قَالَ: إنَّ الْكَافِرَ إذَا دَخَلَ مَكَّةَ فَأَسْلَمَ وَأَحْرَمَ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَمٌ لِتَرْكِ الْمِيقَاتِ، لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>