وَلَوْ كَانَ لِلْكَافِرِ عَبْدٌ مُسْلِمٌ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ صَدَقَةُ فِطْرِهِ، وَيَحِلُّ لِلْمُسْلِمِ وَطْءُ زَوْجَتِهِ النَّصْرَانِيَّةِ إذَا خَرَجَتْ مِنْ الْحَيْضِ لِعَادَتِهَا دُونَ الْعَشَرَةِ قَبْلَ أَنْ تَغْتَسِلَ، وَيَمْضِي عَلَيْهَا وَقْتُ صَلَاةٍ، لِأَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِمْ.
وَقَالَ السَّرَخْسِيُّ، لَا خِلَافَ أَنَّهُمْ مُخَاطَبُونَ بِالْإِيمَانِ وَالْعُقُوبَاتِ وَالْمُعَامَلَاتِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَأَمَّا فِي الْعِبَادَاتِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْآخِرَةِ كَذَلِكَ.
أَمَّا فِي حَقِّ وُجُوبِ الْأَدَاءِ فِي الدُّنْيَا فَهُوَ مَوْضِعُ الْخِلَافِ، فَذَهَبَ الْعِرَاقِيُّونَ مِنْ مَشَايِخِنَا إلَى أَنَّهُمْ مُكَلَّفُونَ، لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ تَجِبْ لَمْ يُؤَاخَذُوا عَلَى تَرْكِهَا. قَالَ: وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ لَمْ يَنُصَّ عَلَيْهَا أَصْحَابُنَا، لَكِنَّ بَعْضَ الْمُتَأَخِّرِينَ اسْتَدَلُّوا مِنْ مَسَائِلِهِمْ عَلَى هَذَا، وَعَلَى الْخِلَافِ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الشَّافِعِيِّ، فَإِنَّ الْمُرْتَدَّ إذَا أَسْلَمَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ قَضَاءُ صَلَوَاتِ الرِّدَّةِ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْمُرْتَدَّ غَيْرُ مُخَاطَبٍ بِالصَّلَاةِ عِنْدَنَا، ثُمَّ ضَعُفَ الِاسْتِدْلَال. قَالَ: وَمِنْهُمْ مَنْ جَعَلَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فَرْعًا لِأَصْلٍ مَعْرُوفٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ: أَنَّ الشَّرَائِعَ عِنْدَهُ مِنْ نَفْسِ الْإِيمَانِ، وَهُمْ مُخَاطَبُونَ بِالْإِيمَانِ، فَيُخَاطَبُونَ بِالشَّرَائِعِ، وَعِنْدَنَا لَيْسَتْ مِنْ نَفْسِ الْإِيمَانِ فَلَا يُخَاطَبُونَ بِأَدَائِهَا مَا لَمْ يُؤْمِنُوا، وَهَذَا ضَعِيفٌ، فَإِنَّهُمْ مُخَاطَبُونَ بِالْعُقُوبَاتِ وَالْمُعَامَلَاتِ وَلَيْسَ ذَلِكَ مِنْ الْإِيمَانِ.
قَالَ ابْنُ الْقُشَيْرِيّ: وَالْقَائِلُونَ بِأَنَّهُمْ غَيْرُ مُخَاطَبِينَ انْقَسَمُوا فَمِنْهُمْ مَنْ صَارَ إلَى اسْتِحَالَةِ تَكْلِيفِهِمْ عَقْلًا، وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يَحِلَّهُ، وَلَكِنَّهُمْ مَعَ الْجَوَازِ لَمْ يُكَلَّفُوا.
وَقَالَ الْقَاضِي: أَقْطَعُ بِالْجَوَازِ، وَلَا أَقْطَعُ بِأَنَّ هَذَا الْجَائِزَ وَقَعَ، وَلَكِنْ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ وُقُوعُهُ.
وَالثَّالِثُ: أَنَّهُمْ مُكَلَّفُونَ بِالنَّوَاهِي دُونَ الْأَوَامِرِ، لِأَنَّ الِانْتِهَاءَ مُمْكِنٌ فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute