الْبَعْضُ بِهَا، وَالْأَمْرُ الْمُتَعَلِّقُ بِالْفِعْلِ بِالذَّاتِ لَا يَنْقَطِعُ مَا لَمْ يَحْدُثْ الْفِعْلُ، وَلَا يَحْدُثُ الْفِعْلُ إلَّا بَعْدَ حُدُوثِ أَجْزَائِهِ، فَلَا يَنْقَطِعُ التَّكْلِيفُ إلَّا بَعْدَ حُدُوثِ جَمِيعِ أَجْزَائِهِ، وَبَيَانُ أَنَّ أَفْعَالَ الْعِبَادِ مَخْلُوقَةٌ لِلَّهِ وَمُقَدَّرَةٌ لِلْعَبْدِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ فِي أُصُولِ الدِّينِ.
تَنْبِيهَاتٌ [التَّنْبِيهُ] الْأَوَّلُ
أَنَّ إمَامَ الْحَرَمَيْنِ لَمَّا حَكَى الْقَوْلَ بِأَنَّ الْفِعْلَ حَالَ حُدُوثِهِ مَأْمُورٌ بِهِ، ثُمَّ ذَكَرَ مَذْهَبَ الشَّيْخِ فِي الْقُدْرَةِ، ثُمَّ قَالَ: وَمَذْهَبُهُ مُخْتَبَطٌ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ.
ثُمَّ قَالَ: لَوْ سَلَّمَ مُسْلِمٌ لِأَبِي الْحَسَنِ مَا قَالَهُ فِي الْقُدْرَةِ جَدَلًا فَلَا يَتَحَقَّقُ مَعَهُ كَوْنُ الْحَادِثِ مَأْمُورًا، هَذَا حَاصِلُهُ. وَمَذْهَبُهُ فِي الْقُدْرَةِ مُخَالِفٌ لِمَذْهَبِ أَبِي الْحَسَنِ، ثُمَّ أَلْزَمَ الشَّيْخُ تَحْصِيلَ الْحَاصِلِ. ثُمَّ قَالَ: فَقَالَ فِي الْحَادِثِ: هَذَا هُوَ الَّذِي أَمَرَ بِهِ الْمُخَاطَبُ، فَأَمَّا أَنْ يَتَّجِهَ الْقَوْلُ فِي تَعَلُّقِ الْأَمْرِ طَلَبًا وَاقْتِضَاءً مَعَ حُصُولِهِ، فَلَا يَرْضَى هَذَا الْمَذْهَبَ الَّذِي لَا يَرْتَضِيهِ لِنَفْسِهِ عَاقِلٌ. اهـ.
وَمُرَادُهُ بِالْمَذْهَبِ الَّذِي لَا يَرْتَضِيهِ عَاقِلٌ إيجَابُ تَحْصِيلِ الْحَاصِلِ الَّذِي أَلْزَمَ بِهِ الشَّيْخَ، وَلَمْ يُرِدْ الْقَوْلَ بِأَنَّهُ لَا يَتَوَجَّهُ إلَّا عِنْدَ الْمُبَاشَرَةِ، فَإِنَّ ذَلِكَ هُوَ الْمَأْثُورُ عَنْ الشَّيْخِ.
وَقَالَ الْقَاضِي: إنَّهُ الْحَقُّ، وَإِنَّ عَلَيْهِ السَّلَفَ مِنْ الْأُمَّةِ وَسَائِرِ الْفُقَهَاءِ، وَهَذَا التَّأْوِيلُ يَتَعَيَّنُ.
وَتَوَهَّمَ الْقَرَافِيّ وَغَيْرُهُ أَنَّ مُرَادَ الْإِمَامِ بِذَلِكَ الْقَوْلُ بِالْوُجُوبِ عِنْدَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute