الْمُبَاشَرَةِ، وَشَنَّعُوا بِهِ عَلَى الْقَائِلِينَ بِهِ، وَمَعَاذَ اللَّهِ أَنْ يَقُولَ الْإِمَامُ ذَلِكَ، وَهُوَ مَذْهَبُ شَيْخِهِ. وَإِنَّمَا الشَّأْنُ فِي أَنَّ مَذْهَبَ الشَّيْخِ فِي الْوُجُوبِ حَالَةَ الْمُبَاشَرَةِ هَلْ يَلْزَمُ تَحْصِيلُ الْحَاصِلِ أَمْ لَا؟ وَالصَّوَابُ: أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ لَيْسَ لِلشَّيْخِ نَصٌّ صَرِيحٌ فِي تَخْصِيصِ التَّكْلِيفِ بِحَالَةِ الْمُبَاشَرَةِ، وَأَصْلُ الْوَهْمِ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ.
[التَّنْبِيهُ] الثَّانِي [بِنَاءُ الْمَسْأَلَةِ عَلَى الِاسْتِطَاعَةِ مَعَ الْفِعْلِ]
إنَّ إمَامَ الْحَرَمَيْنِ وَغَيْرَهُ ادَّعَوْا أَنَّ أَصْحَابَنَا بَنَوْا هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ عَلَى الِاسْتِطَاعَةِ مَعَ الْفِعْلِ. قَالَ أَبُو نَصْرِ بْنُ الْقُشَيْرِيّ: وَهَذِهِ الدَّعْوَةُ غَيْرُ سَدِيدَةٍ، وَكَيْفَ تُشَيَّدُ وَعِنْدَ الْأَصْحَابِ يَمْتَنِعُ تَقَدُّمُ الْقُدْرَةِ عَلَى الْفِعْلِ؟ وَصَرَّحُوا بِجَوَازِ تَقَدُّمِ الْأَمْرِ عَلَى الْفِعْلِ، وَقَالُوا: الْفَاعِلُ قَدْ يُؤْمَرُ بِالْقِيَامِ بِتَحَقُّقِ الْأَمْرِ بِالْقِيَامِ فِي حَالَةِ الْقُعُودِ حَتَّى اخْتَلَفُوا. فَقَالَ الْأَكْثَرُونَ: الْأَمْرُ الَّذِي تَعَلَّقَ بِالْفِعْلِ قَبْلَ حُدُوثِهِ أَمْرُ إيجَابٍ. وَقَالَ الْأَقَلُّونَ: أَمْرُ إعْلَامٍ، وَإِنَّمَا يَتَحَقَّقُ الْوُجُوبُ عِنْدَ الْحُدُوثِ، فَإِذَنْ لَيْسَ بِنَاءُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عِنْدَ الْأَصْحَابِ مَسْأَلَةَ الِاسْتِطَاعَةِ. نَعَمْ الْمُعْتَزِلَةُ يَبْنُونَ وَيَقُولُونَ: كَمَا الْقُدْرَةُ لَا تَتَعَلَّقُ بِالْمَوْجُودِ بِزَعْمِهِمْ، فَالْأَمْرُ لَا يَتَعَلَّقُ بِالْمَوْجُودِ، ثُمَّ عَوَّلَ الْإِمَامُ بَعْدَ التَّسْفِيهِ فِي الْبِنَاءِ عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ طَلَبٌ وَاقْتِضَاءٌ، وَالْحَاصِلُ لَا يُطْلَبُ وَلَا يُقْتَضَى.
وَهَذَا اعْتِسَافٌ، لِأَنَّ الْقَاضِيَ قَالَ: مَعْنَى قَوْلِنَا: إنَّ الْفِعْلَ فِي حَالِ الْحُدُوثِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute