للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَعًا؟ خِلَافٌ. حَكَاهُ الْمُتَوَلِّي فِي " التَّتِمَّةِ " وَالرُّويَانِيُّ فِي " الْبَحْرِ " فِي بَابِ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ، وَفَرَّعَا عَلَيْهِ مَا لَوْ لَحَنَ فِي الصَّلَاةِ وَلَمْ يُغَيِّرْ الْمَعْنَى، كَمَا لَوْ قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَنَصَبَ الْهَاءَ، هَلْ تُجْزِئُهُ؟ وَجْهَانِ بِنَاءً عَلَى هَذَا الْأَصْلِ قَالَتْ الْحَنَفِيَّةُ: الْقُرْآنُ عِبَارَةٌ عَنْ النَّظْمِ الدَّالِّ عَلَى الْمَعْنَى.

مَسْأَلَةٌ

لَا يَجُوزُ تَرْجَمَةُ الْقُرْآنِ بِالْفَارِسِيَّةِ وَغَيْرِهَا بَلْ يَجِبُ قِرَاءَتُهُ عَلَى هَيْئَتِهِ الَّتِي يَتَعَلَّقُ بِهَا الْإِعْجَازُ لِتَقْصِيرِ التَّرْجَمَةِ عَنْهُ، وَلِتَقْصِيرِ غَيْرِهِ مِنْ الْأَلْسُنِ عَنْ الْبَيَانِ الَّذِي خُصَّ بِهِ دُونَ سَائِرِ الْأَلْسِنَةِ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ} [الشعراء: ١٩٥] هَذَا لَوْ لَمْ يَكُنْ مُتَحَدًّى بِنَظْمِهِ وَأُسْلُوبِهِ، وَإِذَا لَمْ تَجُزْ قِرَاءَتُهُ بِالتَّفْسِيرِ الْعَرَبِيِّ الْمُتَحَدَّى بِنَظْمِهِ فَأَحْرَى أَنْ لَا تَجُوزَ بِالتَّرْجَمَةِ بِلِسَانِ غَيْرِهِ. وَمِنْ هَاهُنَا قَالَ الْقَفَّالُ فِي فَتَاوِيهِ ": عِنْدِي أَنَّهُ لَا يَقْدِرُ أَحَدٌ أَنْ يَأْتِيَ بِالْقُرْآنِ بِالْفَارِسِيَّةِ. قِيلَ لَهُ: فَإِذَنْ لَا يَقْدِرُ أَحَدٌ أَنْ يُفَسِّرَ الْقُرْآنَ.

قَالَ: لَيْسَ كَذَلِكَ، لِأَنَّ هُنَا يَجُوزُ أَنْ يَأْتِيَ بِبَعْضِ مُرَادِ اللَّهِ وَيَعْجَزُ عَنْ الْبَعْضِ أَمَّا إذَا أَرَادَ أَنْ يَقْرَأَهُ بِالْفَارِسِيَّةِ فَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَأْتِيَ بِجَمِيعِ مُرَادِ اللَّهِ.

وَفَرَّقَ غَيْرُهُ بَيْنَ التَّرْجَمَةِ وَالتَّفْسِيرِ، فَقَالَ: يَجُوزُ تَفْسِيرُ الْأَلْسُنِ بَعْضِهَا بِبَعْضِهِ، لِأَنَّ التَّفْسِيرَ: عِبَارَةٌ عَمَّا قَامَ فِي النَّفْسِ مِنْ الْمَعْنَى لِلْحَاجَةِ وَالضَّرُورَةِ.

وَالتَّرْجَمَةُ: هِيَ بَدَلُ اللَّفْظَةِ بِلَفْظَةٍ تَقُومُ مَقَامَهَا فِي مَفْهُومِ الْمَعْنَى لِلسَّامِعِ الْمُعْتَبِرِ لِتِلْكَ الْأَلْفَاظِ، فَكَأَنَّ التَّرْجَمَةَ إحَالَةُ فَهْمِ السَّامِعِ عَلَى الِاعْتِبَارِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>