للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَفَ أَبُو عُبَيْدَةَ عَلَى قَوْلِهِ: " إلَّا اللَّهُ "، وَلَيْسَ هَذَا مِنْ غَرَضِ الْأُصُولِيِّ، وَغَرَضُنَا أَنَّ التَّشَابُهَ فِي الْآيَاتِ الْمُتَضَمَّنَةِ لِلتَّكْلِيفِ مُحَالٌ، وَيُبَيِّنُ الْمَقْصُودَ مِنْهُ رَسْمُ الْمَسْأَلَةِ فِي آيَةِ الِاسْتِوَاءِ

قَالَ مَالِكٌ: لَمَّا سُئِلَ عَنْهُ: الِاسْتِوَاءُ مَعْلُومٌ، وَالْكَيْفُ مَجْهُولٌ، وَالْإِيمَانُ بِهِ وَاجِبٌ، وَالسُّؤَالُ عَنْهُ بِدْعَةٌ.

وَقَالَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ: يُفْهَمُ مِنْهُ مَا يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ: {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ} [فصلت: ١١] وَقَدْ تَحَزَّبَ النَّاسُ فِيهِ، فَضَلَّ قَوْمٌ أَجْرَوْهُ عَلَى الظَّاهِرِ، وَفَازَ مَنْ قَطَعَ بِنَفْيِ الِاسْتِقْرَارِ، وَإِنْ تَرَدَّدَ فِي مُجْمَلِهِ وَرَآهُ فَلَا يُعَابُ عَلَيْهِ.

قَالَ: وَتَكْلِيفُ تَعْلِيمِ الْأَدِلَّةِ عَلَى نَفْيِ الِاسْتِقْرَارِ لَا نَرَاهُ وَاجِبًا عَلَى الْآحَادِ بَلْ يَجِبُ عَلَى شَخْصٍ فِي كُلِّ إقْلِيمٍ أَنْ يَقُومَ لِيَدْفَعَ الْبِدَعَ إذَا ثَارَتْ. انْتَهَى.

وَقِيلَ: الرَّاسِخُونَ يَعْلَمُونَ عَلَى الْجُمْلَةِ وَاَللَّهُ يَعْلَمُ عَلَى التَّفْصِيلِ، وَبِهَذَا يَصِحُّ الْقَوْلَانِ جَمِيعًا وَلَا يَتَنَافَيَانِ، وَهُوَ الَّذِي يُعَضِّدُهُ الدَّلِيلُ، لِأَنَّ الصَّحَابَةَ قَدْ خَاضُوا فِي التَّأْوِيلِ.

وَالْمُخْتَارُ الْوَقْفُ عَلَى {إِلا اللَّهُ} [آل عمران: ٧] لِوُجُوهٍ.

أَحَدُهَا: أَنَّهُ قَوْلُ الْجُمْهُورِ بَلْ لَمْ يَذْهَبْ إلَى الْوَقْفِ عَلَى {وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ} [آل عمران: ٧] إلَّا شِرْذِمَةٌ قَلِيلَةٌ مِنْ النَّاسِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>