وَقَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ: لَيْسَ مِنْ مَحَلِّ الْخِلَافِ مَا عُلِمَ أَنَّ أَهْلَ اللُّغَةِ وَضَعُوهُ لِمَعْنًى يَشْمَلُ الْجُزَيْئَاتِ، فَإِنَّهُ لَا خِلَافَ فِي أَنَّ إطْلَاقَهُ عَلَى الْجُزْئِيَّاتِ لَيْسَ بِقِيَاسٍ، وَلَا يَجْرِي أَيْضًا فِيمَا ثَبَتَ بِالِاسْتِقْرَاءِ إرَادَةٌ إلَى الْمَعْنَى الْكُلِّيِّ، وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ نَصُّهُمْ أَنَّ الْمَوْضُوعَ هُوَ الْمَعْنَى الْكُلِّيُّ. مِثَالُ الْأَوَّلِ قَوْلُنَا: رَجُلٌ، وَالثَّانِي قَوْلُنَا: الْفَاعِلُ مَرْفُوعٌ وَالْمَفْعُولُ مَنْصُوبٌ، بَلْ مَحَلُّ الْخِلَافِ فِيمَا إذَا أَطْلَقُوا اسْمًا مُشْتَمِلًا عَلَى وَصْفٍ وَاعْتَقَدْنَا أَنَّ التَّسْمِيَةَ لِذَلِكَ الْوَصْفِ فَأَرَدْنَا تَعَدِّيَةَ الِاسْمِ إلَى مَحَلٍّ آخَرَ، كَمَا إذَا اعْتَقَدْنَا أَنَّ إطْلَاقَ اسْمِ الْخَمْرِ بِاعْتِبَارِ التَّخْمِيرِ، فَعَدَّيْنَاهُ إلَى النَّبِيذِ.
وَكَذَا قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: إنَّ الْخِلَافَ لَا يَجْرِي فِيمَا ثَبَتَ بِالِاسْتِقْرَاءِ كَرَفْعِ الْفَاعِلِ، لَكِنَّ الْقَاضِيَ أَبَا الطَّيِّبَ قَالَ: مَا طَرِيقُ اللُّغَةِ مِنْ اسْمٍ أَوْ إعْرَابٍ هَلْ يَثْبُتُ بِالْقِيَاسِ؟ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِيهِ، فَذَهَبَ أَكْثَرُهُمْ إلَى ثُبُوتِهِ، وَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إلَى أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ، وَبِهِ قَالَ أَصْحَابُ أَبِي حَنِيفَةَ وَكَثِيرٌ مِنْ الْمُتَكَلِّمِينَ. اهـ.
وَجَعَلَ فِي الْإِرْشَادِ " مَحَلَّ الْخِلَافِ مَا إذَا أُرِيدَ إلْحَاقُ الْأَسْمَاءِ اللُّغَوِيَّةِ بِقِيَاسٍ لُغَوِيٍّ أَوْ الْأَسْمَاءِ الشَّرْعِيَّةِ بِقِيَاسٍ شَرْعِيٍّ. قَالَ: فَإِنْ أُرِيدَ إلْحَاقُهُ بِهِ بِقِيَاسٍ شَرْعِيٍّ لَمْ يَجُزْ قَطْعًا، لِأَنَّ الْأَسْمَاءَ اللُّغَوِيَّةَ سَابِقَةٌ عَلَى الشَّرْعِ، فَلَمْ يَصِحَّ إثْبَاتُهَا بِعِلَلٍ شَرْعِيَّةٍ.
حَكَاهُ بَعْضُ شُرَّاحِ اللُّمَعِ ".
وَقَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ فِي " الْعُدَّةِ ": يَمْتَنِعُ إثْبَاتُ الِاسْمِ اللُّغَوِيِّ بِقِيَاسٍ شَرْعِيٍّ، مِثْلُ أَنْ يَثْبُتَ فِيمَنْ وَطِئَ الْغُلَامَ أَنَّهُ يُسَمَّى زِنًى، لِأَنَّهُ وَطِئَ فِي فَرْجٍ، لِأَنَّ الْأَسْمَاءَ اللُّغَوِيَّةَ سَابِقَةٌ لِلشَّرْعِ، فَلَا يَثْبُتُ بِهِ، وَإِنَّمَا الِاسْمُ الشَّرْعِيُّ يَجُوزُ إثْبَاتُهُ بِقِيَاسٍ شَرْعِيٍّ مِثْلُ تَسْمِيَةِ هَذِهِ الْأَفْعَالِ الشَّرْعِيَّةِ صَلَاةٌ.
وَقَالَ الْغَزَالِيُّ فِي الْمَنْخُولِ " تَحْرِيرُ النِّزَاعِ: أَنَّ صِيَغَ التَّصَارِيفِ عَلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute