للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السَّوَاءِ وَتَارَةً يَكُونُ احْتِمَالًا مَرْجُوحًا، وَرَفْعُ الِاحْتِمَالِ الْأَوَّلِ فَائِدَةٌ زَائِدَةٌ، لِأَنَّ تَرَدُّدَ اللَّفْظِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ لَيْسَ فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَحَدِهِمَا، كَمَا أَنَّ الْأَعَمَّ لَا يَدُلُّ عَلَى الْأَخَصِّ، فَدَفْعُ ذَلِكَ الِاحْتِمَالِ تَأْسِيسٌ. أَمَّا الِاحْتِمَالُ الْمَرْجُوحُ فَهُوَ مَرْفُوعٌ بِظَاهِرِ اللَّفْظِ، لِأَنَّ اللَّفْظَ يَنْصَرِفُ إلَى الْحَقِيقَةِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ وَالتَّأْكِيدُ يُقَوِّي ذَلِكَ الظَّاهِرَ.

وَهَاهُنَا أُمُورٌ:

أَحَدُهَا: أَثْبَتَ ابْنُ مَالِكٍ قِسْمًا ثَالِثًا، وَهُوَ مَا لَهُ شَبَهٌ بِالْمَعْنَوِيِّ وَشَبَهٌ بِاللَّفْظِيِّ، وَإِلْحَاقُهُ بِهِ أَوْلَى، كَقَوْلِكَ: أَنْتَ بِالْخَيْرِ حَقِيقٌ قَمِينٌ. وَنُوزِعَ فِي هَذَا الْمِثَالِ، وَلَا نِزَاعَ لِإِجْمَاعِ النَّحْوِيِّينَ عَلَى أَنَّ مِنْ التَّوْكِيدِ مَرَرْت بِكُمْ أَنْتُمْ.

الثَّانِي: هَلْ أَنَّهُ يُوجِبُ رَفْعَ احْتِمَالِ الْمَجَازِ أَوْ يُرَجِّحُهُ؟ يَخْرُجُ مِنْ كَلَامِ النَّحْوِيِّينَ فِيهِ قَوْلَانِ، فَفِي " التَّسْهِيلِ " أَنَّهُ رَافِعٌ، وَكَلَامُ ابْنِ عُصْفُورٍ وَغَيْرِهِ يُخَالِفُهُ وَهُوَ الْحَقُّ، وَكَلَامُ إمَامِ الْحَرَمَيْنِ يَقْتَضِيهِ، فَإِنَّهُ قَالَ فِي " الْبُرْهَانِ ": وَمِمَّا زَالَ فِيهِ النَّاقِلُونَ عَنْ الْأَشْعَرِيِّ وَيَقْتَضِيهِ أَنَّ صِيغَةَ الْعُمُومِ مَعَ الْقَرَائِنِ تَبْقَى مُتَرَدِّدَةً، وَهَذَا - وَإِنْ صَحَّ يُحْمَلُ عَلَى تَوَابِعِ الْعُمُومِ كَالصِّيَغِ الْمُؤَكِّدَةِ. اهـ. .

فَقَدْ صُرِّحَ بِأَنَّ التَّأْكِيدَ لَا يَرْفَعُ احْتِمَالَ الْخُصُوصِ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا فِي الْحَدِيثِ (فَأَحْرَمُوا كُلُّهُمْ إلَّا أَبُو قَتَادَةَ لَمْ يُحْرِمْ) فَدَخَلَهُ التَّخْصِيصُ مَعَ تَأْكِيدِهِ، وَكَذَا قَوْلُهُ: {فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ} [الحجر: ٣٠] إنْ كَانَ الِاسْتِثْنَاءُ مُتَّصِلًا، وَهَلْ يَجْرِي ذَلِكَ فِي التَّوْكِيدِ اللَّفْظِيِّ؟ ظَاهِرُ كَلَامِ " الْإِيضَاحِ الْبَيَانِيِّ " نَعَمْ وَاَلَّذِي صَرَّحَ بِهِ النُّحَاةُ أَنَّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>