للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدِّينِ كَالْإِيمَانِ وَالْكُفْرِ، وَالْفَرْعِيَّةُ وَهِيَ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْفُرُوعِ. قَالَ الْمَازِرِيُّ فِي " شَرْحِ الْبُرْهَانِ ": وَهُوَ رَأْيُ الْمُحَقِّقِينَ مِنْ أَئِمَّتِنَا الْفُقَهَاءِ وَالْأُصُولِيِّينَ، وَهُوَ قَوْلُ الْقَاضِي أَبِي بَكْرٍ، وَالْإِمَامِ أَبِي نَصْرِ بْنِ الْقُشَيْرِيّ، وَنَقَلَهُ عَنْ أَصْحَابِنَا، فَقَالَ: وَقَالَ أَصْحَابُنَا: لَمْ يَنْقُلْ الشَّرْعُ شَيْئًا مِنْ الْأَسَامِي اللُّغَوِيَّةِ، بَلْ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَلَّمَ الْخَلْقَ بِلِسَانِ الْعَرَبِ، وَإِلَى هَذَا مَيْلُ الْقَاضِي. اهـ.

وَنَقَلَهُ الْأُسْتَاذ أَبُو مَنْصُورٍ عَنْ الْقَاضِي أَبِي حَامِدٍ الْمَرُّوذِيِّ وَالشَّيْخِ أَبِي الْحَسَنِ الْأَشْعَرِيِّ فَقَالَ: أَجْمَعَ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ عَلَى أَنَّهُ قَدْ نُقِلَ بِالشَّرْعِ أَسْمَاءٌ كَثِيرَةٌ عَنْ مَعَانِيهَا فِي اللُّغَةِ إلَى مَعَانٍ سِوَاهَا إلَّا أَبَا حَامِدٍ الْمَرُّوذِيَّ، فَإِنَّهُ زَعَمَ أَنَّ الْأَسَامِيَ كُلَّهَا بَاقِيَةٌ عَلَى مُقْتَضَاهَا فِي اللُّغَةِ قَبْلَ الشَّرْعِ. وَبِهِ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ الْأَشْعَرِيُّ، وَمِثَالُ ذَلِكَ: الْإِيمَانُ فِي اللُّغَةِ بِمَعْنَى التَّصْدِيقِ، وَقَدْ صَارَ بِالشَّرْعِ عِنْدَ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ اسْمًا لِجَمِيعِ الطَّاعَاتِ، وَعِنْدَ الْأَشْعَرِيِّ أَنَّهُ الْآنَ أَيْضًا بِمَعْنَى التَّصْدِيقِ، وَكَذَلِكَ الصَّلَاةُ وَالْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ أَسْمَاءٌ لِأَفْعَالٍ مَخْصُوصَةٍ زَائِدَةٍ عَلَى مَا كَانَ مَفْعُولًا مِنْهَا فِي اللُّغَةِ قَبْلَ الشَّرْعِ عِنْدَنَا، وَهِيَ عِنْدَ الْأَشْعَرِيِّ ثَابِتَةٌ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ قَبْلَ الشَّرْعِ إلَّا أَنَّهَا لَا يَحْتَسِبُ بِهَا إلَّا إذَا أَتَى عَلَى الشُّرُوطِ الَّتِي عَلَّقَتْهَا الشَّرِيعَةُ بِهَا. اهـ. وَكَذَلِكَ حَكَاهُ عَنْ الْأَشْعَرِيِّ الْأُسْتَاذُ أَبُو بَكْرِ بْنُ فُورَكٍ فِي جُزْءٍ جَمَعَهُ فِي بَيَانِ الْإِسْلَامِ وَالْإِيمَانِ. فَقَالَ: وَاخْتَلَفُوا فِي مَسْأَلَةِ الْإِيمَانِ، هَلْ نَقَلَتْ الشَّرِيعَةُ أَسْمَاءَ اللُّغَةِ عَنْ مَوْضُوعَاتِهَا إلَى غَيْرِهَا؟ فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: إنَّهَا نَقَلَتْ، وَإِنَّ مِنْ ذَلِكَ الْإِيمَانَ، فَإِنَّهُ لُغَةً التَّصْدِيقُ، وَإِنَّمَا قِيلَ فِي الشَّرِيعَةِ لِلطَّاعَاتِ: كُلُّهَا إيمَانٌ، وَذَلِكَ شَرْعِيٌّ لَا لُغَوِيٌّ، وَكَذَلِكَ الصَّلَاةُ وَالزَّكَاةُ وَالْحَجُّ وَالْوُضُوءُ، فَجَمْعُهُ مَنْقُولٌ عَنْ اللُّغَةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>