قَبْلُ فَلَا بُدَّ مِنْ أَسَامِي تُعْرَفُ بِهَا تِلْكَ الْمُسَمَّيَاتُ، وَعِنْدَ هَذَا لَا بُدَّ مِنْ الْجَوَابِ عَنْ شُبْهَةِ الْمُعْتَزِلَةِ، فَإِنَّهُمْ يَقُولُونَ: هَذَا وُضِعَ ابْتِدَاءً مِنْ قِبَلِ الشَّارِعِ، وَنَحْنُ نَقُولُ فِي الْجَوَابِ: جَعْلُهُ عُرْفِيًّا عَلَى مِثَالِ أَهْلِ الْعُرْفِ أَوْلَى لِوَجْهَيْنِ: أَحَدِهِمَا: أَنَّ الشَّارِعَ يَضَعُ الشَّرْعِيَّاتِ أَبَدًا عَلَى وَزْنِ الْعُرْفِيَّاتِ حَتَّى تَكُونَ الطِّبَاعُ أَقْبَلَ عَلَيْهَا. الثَّانِي: أَنَّ اللَّفْظَ أُطْلِقَ وَأَمْكَنَ اعْتِبَارُهُ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ، فَوَجَبَ حَمْلُهُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ هُوَ التَّقْرِيرُ، وَفِيمَا قُلْنَاهُ تَقْرِيرٌ مِنْ وَجْهٍ، وَعِنْدَ هَذَا يَخْرُجُ الْجَوَابُ عَنْ اسْتِدْلَالِهِمْ بِالْآيَةِ وَالْخَبَرِ؛ لِأَنَّ التَّعْبِيرَ بِالْإِيمَانِ عَنْ الصَّلَاةِ، وَبِالصَّلَاةِ عَنْ الْإِيمَانِ، إنَّمَا كَانَ لِنَوْعِ تَعَلُّقٍ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ دَلِيلُ الْإِيمَانِ، وَالْإِيمَانُ شَرْطُ صِحَّةِ الصَّلَاةِ، وَفِي اللُّغَةِ يَجُوزُ التَّعْبِيرُ بِأَحَدِ الْمُتَعَلِّقَيْنِ عَنْ الْآخَرِ. وَمِنْ فَوَائِدِ هَذَا الْخِلَافِ الثَّانِي أَنَّهُ هَلْ يَحْتَاجُ الْمَعْنَى الشَّرْعِيُّ إلَى عَلَاقَةٍ أَمْ لَا؟ فَعَلَى الْأَوَّلِ لَا يَحْتَاجُ، وَعَلَى الثَّانِي نَعَمْ. قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ مِنْ " الْحَاوِي ": وَاَلَّذِي عَلَيْهِ جُمْهُورُ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ الشَّرْعَ لَاحَظَ فِيهَا الْمَعْنَى اللُّغَوِيَّ. قُلْت: وَنَصُّ الشَّافِعِيِّ فِي " الْأُمِّ " صَرِيحٌ فِي أَنَّهَا مَجَازَاتٌ لُغَوِيَّةٌ، قَالَهُ ابْنُ اللَّبَّانِ فِي تَرْتِيبِ الْأُمِّ ".
ثُمَّ اخْتَلَفَ الْمُثْبِتُونَ فِي وُقُوعِ الْأَسْمَاءِ الشَّرْعِيَّةِ أَنَّهُ هَلْ وَقَعَ النَّقْلُ فِيهَا مُطْلَقًا سَوَاءٌ تَعَلَّقَتْ بِأُصُولِ الدِّينِ كَالْإِيمَانِ أَوْ فُرُوعِهِ أَوْ إنَّمَا وَقَعَ فِي فُرُوعِهِ فَقَطْ؟ فَذَهَبَ الْمُعْتَزِلَةُ إلَى الْأَوَّلِ إلَّا أَنَّهُمْ فَرَّقُوا بَيْنَهُمَا فِي التَّسْمِيَةِ، فَخَصُّوا اللَّفْظَ الْمُتَعَلِّقَ بِالْفُرُوعِ بِالشَّرْعِيِّ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute