مَسْأَلَةٌ كَمَا زَعَمَ قَوْمٌ أَنَّ بَعْضَ الْأَسْمَاءِ اسْتَعْمَلَهُ الشَّارِعُ فِي غَيْرِ مَعْنَاهُ فِي اللُّغَةِ، زَعَمَ آخَرُونَ أَنَّهُ وَرَدَ فِيهِ كَلِمَاتٌ لَيْسَتْ بِصِيَغٍ عَرَبِيَّةٍ، وَهِيَ مَسْأَلَةُ الْمُعَرَّبِ - بِتَشْدِيدِ الرَّاءِ وَفَتْحِهَا - مَا أَصْلُهُ عَجَمِيٌّ ثُمَّ، عُرِّبَ اسْتَعْمَلَتْهُ الْعَرَبُ عَلَى نَحْوِ اسْتِعْمَالِهَا لِكَلَامِهَا، فَقِيلَ: مُعَرَّبٌ مُتَوَسِّطًا بَيْنَ الْعَجَمِيِّ وَالْعَرَبِيِّ، وَهُوَ عَكْسُ الْمَجَازِ؛ لِأَنَّهُ اسْتِعْمَالُ الْمَعْنَى بِغَيْرِ اللَّفْظِ الْمَوْضُوعِ لَهُ فِي تِلْكَ اللُّغَةِ، وَلَا خِلَافَ فِي أَنَّهُ وَاقِعٌ فِي اللُّغَةِ، وَفِي وُقُوعِهِ فِي الْقُرْآنِ خِلَافٌ مَبْنِيٌّ عَلَى إثْبَاتِ الْحَقِيقَةِ الشَّرْعِيَّةِ، فَمَنْ أَثْبَتَهَا وَجَعَلَهَا مَجَازَاتٍ لُغَوِيَّةٍ، لَا يَلْزَمُ مِنْ قَوْلِهِ أَنْ يَكُونَ فِي الْقُرْآنِ غَيْرُ عَرَبِيٍّ. وَقَالَ ابْنُ الْقُشَيْرِيّ: لَيْسَ هَذَا الْخِلَافُ مَعَ مَنْ يَقُولُ فِي الشَّرِيعَةِ أَسْمَاءٌ مَنْقُولَةٌ مِنْ اللُّغَةِ إلَى الشَّرْعِ بَلْ ذَاكَ فَنٌّ آخَرُ، وَقَدْ أَثْبَتَهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ ابْنُ عَبَّاسٍ وَعِكْرِمَةُ وَمُجَاهِدٌ وَغَيْرُهُمْ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ، وَنَفَاهُ الْأَكْثَرُونَ، مِنْهُمْ الْإِمَامُ وَأَتْبَاعُهُ، وَالْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ وَأَبُو بَكْرٍ الْقَفَّالُ كَمَا رَأَيْته فِي كِتَابِهِ، وَأَبُو الْوَلِيدِ الْبَاجِيُّ، وَأَبُو إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيُّ، وَابْنُ السَّمْعَانِيِّ وَابْنُ الْقُشَيْرِيِّ قَالَ: وَعَلَيْهِ الْمُحَقِّقُونَ. قَالَ ابْنُ فَارِسٍ فِي فِقْهِ اللُّغَةِ ": وَهُوَ قَوْلُ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ، وَقَالَ ابْنُ بَرْهَانٍ: وَعُزِيَ إلَى الشَّافِعِيِّ. قُلْت: نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي " الرِّسَالَةِ " فِي الْبَابِ الْخَامِسِ، فَقَالَ: وَقَدْ تَكَلَّمَ فِي الْعِلْمِ مَنْ لَوْ أَمْسَكَ عَنْ بَعْضِ مَا تَكَلَّمَ فِيهِ لَكَانَ الْإِمْسَاكُ أَوْلَى لَهُ، فَقَالَ مِنْهُمْ قَائِلٌ: إنَّ فِي الْقُرْآنِ عَرَبِيًّا وَأَعْجَمِيًّا، وَالْقُرْآنُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ شَيْءٌ إلَّا بِلِسَانِ الْعَرَبِ، وَوَجَدْنَا قَائِلَ هَذَا الْقَوْلِ مِنْ قَبْلِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute