للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثَّانِيَ، وَتَوَقَّفَ الْآمِدِيُّ.

وَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ فِي أَمَالِيهِ ": الْإِنْصَافُ أَنَّ الْمَجَازَ إنْ كَانَ بِاعْتِبَارِ الْأَلْفَاظِ مُفْرَدَةً احْتَاجَ إلَى النَّقْلِ، وَإِنْ كَانَ بِاعْتِبَارِ الْمَعَانِي الْحَاصِلَةِ بِاعْتِبَارِ تَعَدُّدِ الْأَلْفَاظِ مِثْلُ طَلَعَ فَجْرٌ وَعَلَا، وَشَابَتْ لِمَّةُ رَأْسِهِ، وَأَشْبَاهُهُ، لَمْ يَحْتَجْ إلَى النَّقْلِ لِمَا عُلِمَ مِنْ اسْتِعْمَالِ الْعُلَمَاءِ مِنْ كُلِّ طَائِفَةٍ أَمْثَالَ ذَلِكَ، فِي تَصَانِيفِهِمْ وَخَطِّهِمْ وَرَسَائِلِهِمْ، فَظَهَرَ أَنَّ الْخِلَافَ مَخْصُوصٌ بِالْأَنْوَاعِ، لَا فِي جُزْئِيَّاتِ الْمَجَازِ الْمُشَخَّصَةِ، إنْ أَوْهَمَهُ كَلَامُ بَعْضِهِمْ، فَلَا بُدَّ أَنْ تَضَعَ الْعَرَبُ نَوْعَ التَّجَوُّزِ بِالْكُلِّ إلَى الْجُزْءِ، وَبِالسَّبَبِ إلَى الْمُسَبَّبِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ الْأَنْوَاعِ. وَأَمَّا وَضْعُهَا التَّعْبِيرَ بِهَذَا الْكُلِّ الْمُعَيَّنِ أَوْ التَّجَوُّزِ بِهَذَا الْمُسَبَّبِ الْمُعَيَّنِ إلَى هَذَا السَّبَبِ فَلَا يَشْتَرِطُهُ أَحَدٌ قَطْعًا، وَلَمْ تَزَلْ الْأُدَبَاءُ فِي الْأَعْصَارِ وَالْأَمْصَارِ يَكْتَفُونَ بِمُجَرَّدِ الْعَلَاقَةِ مِنْ غَيْرِ فَحْصٍ عَنْ الْوَضْعِ. وَيَتَحَصَّلُ صُوَرٌ: أَحَدُهَا: آحَادُ الْعَلَاقَاتِ أَعْنِي إذَا وُجِدَتْ عَلَاقَةٌ لَمْ يُنْقَلْ عَنْ الْعَرَبِ التَّجَوُّزُ بِهَا فَهَلْ يَجُوزُ أَنْ يَتَجَوَّزَ بِهَا؟ هَذَا مَوْضِعُ الْخِلَافِ كَمَا ذَكَرَهُ الْأَصْفَهَانِيُّ وَالْقَرَافِيُّ فِي " شَرْحِ الْمَحْصُولِ " وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ مِنْ " شُرَّاحِ ابْنِ الْحَاجِبِ " مِنْهُمْ الْقُطْبُ الشِّيرَازِيُّ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي امْتِنَاعِ هَذَا الْقِسْمِ. الثَّانِيَةُ: الْعَلَاقَةُ الَّتِي ثَبَتَ عَنْ الْعَرَبِ اعْتِبَارُهَا، وَتَجَوَّزَتْ بِسَبَبِهَا إلَى لَفْظَةٍ هَلْ لَنَا أَنْ نَتَجَوَّزَ بِتِلْكَ الْعَلَاقَةِ بِعَيْنِهَا لِلَفْظَةٍ أُخْرَى؟ كَمَا إذَا ثَبَتَ عَنْهُمْ إطْلَاقُ الْأَسَدِ عَلَى الشُّجَاعِ لِلشَّجَاعَةِ، فَهَلْ لَنَا أَنْ نُطْلِقَ عَلَيْهِ اللَّيْثَ كَذَلِكَ؟ وَهُوَ مِنْ مَوْضِعِ الْخِلَافِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ شُرَّاحُ " الْمُخْتَصَرِ ".

<<  <  ج: ص:  >  >>